غيره هل يقال بالتخصيص ، لعموم التأسّي (١) أو لا؟ قولان ، ثمّ اختار العدم نظرا إلى أنّ عموم التأسّي يعارض العامّ المخصّص بفعله صلىاللهعليهوآله تعارض العموم من وجه ، والمرجع فيه بعد عدم المرجح هو الإجمال والتوقّف فلا تخصيص. ثمّ قال : وما يقال : من أنّ المخصّص لعموم العامّ ليس عموم التأسّي وحده بل هو مع الفعل وهو أقوى ، ففيه : أنّ التنافي بين العامّين إنّما هو بسبب الفعل ، فلا اختصاص له بأحدهما ، إذ كما يمكن تخصيص العامّ بعموم التأسّي مع الفعل كذلك يمكن تخصيص عموم التأسّي بعموم العامّ مع الفعل.
ثمّ أورد على نفسه بأنّ العبرة في مقام التعارض بنفس الدليل لا بدليل الدليل وإلاّ لم يتحقّق لنا في الأدلّة دليل خاصّ ، إذ مرجع حجية كلّ دليل إلى أدلة عامة ، والفعل هنا خاص وإن كان دليل حجّيّته عامّا ، فيجب تخصيص العامّ به.
ثمّ أجاب بقوله : إنّما يتمّ ما ذكر إذا كان الخاصّ دالاّ في نفسه وإلاّ كان التعارض بين دلالتي العامّين كما في المقام ، فإنّ الفعل مشخّص لعنوان أحد العامّين ، وليس بدالّ (٢) ، انتهى ما أردنا نقله.
ومواقع النظر في كلامه غير خفيّة.
أمّا أوّلا : فلأنّ ما يظهر منه في جواب ما أورده على نفسه من تسليم كون عمومات التأسّي دليل الدليل ممّا لا وجه له ؛ لأنّ دليل الدليل هو ما يتوقّف عليه اعتباره بعد أن كان له دلالة كآية النبأ (٣) بالنسبة إلى قول العادل : يجب عليك كذا ، وعمومات التأسّي على ذلك المنوال بالنسبة إلى الفعل ، فإنّ الفعل من موارد ظهور
__________________
(١) مثل الآية : ٢١ من سورة الأحزاب.
(٢) الفصول : ٢١٧.
(٣) الحجرات : ٦.