محفوظ في جميع المراتب ولا يختلف باختلاف الوجوه كما عرفت والنقل مسبوق بالمجاز لا محالة ، فكيف يتصوّر ذلك؟
والجواب عن ذلك : أنّ ما ذكرنا إنّما هو في مقام بيان عدم الملازمة بين التقييد والمجاز ، وإلاّ فقد يمكن أن يكون التقييد مجازا ، كأن يراد من لفظ المطلق ـ الموضوع لنفس المعنى ـ المقيّد بواسطة القرينة ، ولا امتناع في ذلك ، كيف والعموم والخصوص من العلائق التي تراعى بين المعاني الحقيقيّة والمجازيّة ، ومن موارد تلك العلاقة استعمال الكلّي والمطلق في الفرد والمقيّد ، فيمكن حصول النقل بملاحظة هذا النحو من الاستعمال. نعم ذلك غير ممكن على الوجه الآخر الذي لا يلزم على تقديره مجاز ؛ مع أنّه يمكن القول بإمكانه على ذلك التقدير أيضا ، كأن يكون الذهن غير ملتفت إلى ما يوجبه التقييد لكثرة استيناسه بما يوجب التقييد ، فينتقل تارة بعد تأكيد الأنس إلى المقيّد مع قطع النظر عمّا يوجبه ، نظير حصول النقل على وجه المجازيّة أيضا.
ثمّ إنّ الانصراف كما يختلف مراتبه ـ كما عرفت ـ كذلك يختلف مراتبه ؛ لأنّه بمنزلة التقييد ، بل هو هو بعينه ، إلاّ أنّ المقيّد هنا لبّي ، فقد يكون اللفظ من إحدى الجهات منصرفا ومطلقا من جهة غيرها ، ويلحق بكلّ جهة حكمها ، من دون سراية إلى الاخرى.
ولو شكّ في الانصراف أو في بلوغه حدّا لا يؤخذ معه بالإطلاق ، ففي الأخذ به أو عدمه وجهان ، ولعلّ الأوّل أقرب ، لعدم العلم ولا ما يقوم مقامه من أصل ونحوه بالبيان ، فاعتبار (١) المتكلّم على ذلك قبيح ولا رافع له من حكم العرف بالبيان ، فتأمّل.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : فاعتماد.