وممّا ذكرنا يظهر جريان الوجهين في كون الشرط علّة تامّة وسببا مستقلاّ من دون مداخلة أمر آخر ، وكونه سببا ناقصا ، فلا نطيل بالإعادة.
الثالث : أنّه بعد ما عرفت في المورد الأوّل أنّ الجملة الشرطيّة تستفاد منها العلقة فاستعمالها في الاتّفاقيّات ليس استعمالا حقيقيّا. وفي المورد الثاني (١) أنّ هذه العلقة هي علّية الشرط على وجه الاستقلال ، دون المعلوليّة لعلّة ثالثة ولا التضايف ولا معلوليّة الشرط للجزاء ، كما عرفت.
فهل يستفاد منها انحصار العلقة التامّة في الشرط ، كأن لا يكون من أفراد ما هو العلّة حقيقة ، أو لا يستفاد ذلك منها؟ وهذا هو النزاع المعروف بين القوم.
فالمثبتون على أنّ الجملة ظاهرة في انحصار العلّة التامّة في الشرط ، ولذلك يحكم بانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ولو مع احتمال قيام شرط آخر مقامه ، إذ ذلك الاحتمال مدفوع عندهم بظهور الانحصار من اللفظ ، فلا يعتنى به.
والمانعون على أنّه لا يستفاد منها ذلك. وربّما يحتمل أن يكون وجه المنع التأمّل في أحد الموردين المتقدّمين كما يتراءى من بعضهم (٢). لكن استدلال السيّد باحتمال قيام سبب آخر مقام الشرط (٣) ينادي بتسليمه الموردين ، وإنّما النزاع في الثالث كما لا يخفى.
وهل الأصل يقتضي ثبوت المفهوم أو عدمه؟ قد يقال بالثاني ؛ لأصالة عدم اعتبار الواضع في مدلول الأداة التعليق على وجه خاصّ. وفيه (٤) : أنّ ذلك الأصل ممّا لا عبرة به ، لمكان المعارضة ، كما هو ظاهر.
__________________
(١) يعني عرفت في المورد الثاني.
(٢) راجع مفاتيح الاصول : ٢١٠.
(٣) الذريعة ١ : ٤٠٦.
(٤) « فيه » من هامش ( ع ).