وللثاني : عدم تنافر (١) استعمال الشرطيّة فيما يكون المقدّم معلولا ، وذلك دليل عدم اختصاص الوضع بما إذا كان علّة ، غاية الأمر أنّ هذه العلاقة الخاصّة حيث كانت أكمل أفراده (٢) انصرف الإطلاق إليها ، نظير انصراف الأمر إلى الفرد المتكامل من أفراد الطلب ، فإنّ علاقة العلّية هي أتمّ العلائق وأكملها.
وفي الأوّل منع. وفي الثاني ـ بعد تسليم أنّ هذه العلاقة هي أتمّها وكفاية ذلك في المدّعى ، فإنّ ما ذكر لا ينافي كون الجزاء علّة ـ : أن (٣) لا وجه للانصراف المذكور ، إذ لا يعقل ذلك إلاّ بواسطة غلبة الاستعمال ، ومن المعلوم أنّ ذلك الظهور ليس مستندا إليه كما يظهر بالتأمّل ؛ مضافا إلى أنّ الانصراف إنّما هو في المطلقات ولا يعقل ذلك في مدلول أدوات الشرط ـ كما في الأمر أيضا ـ فإنّ الموضوع له فيها هي المعاني الخاصّة ، كما لا يخفى.
وقد تستند الدلالة المذكورة إلى إطلاق الشرط. وتوضيحه : أنّ ظاهر الجملة يفيد وجود الجزاء عند وجود الشرط على وجه الاستقلال ، سواء فرض وجود شيء آخر معه أو لم يفرض ، فلا مدخليّة لشيء في وجود الجزاء ، سوى وجود الشرط ، وهو معنى السببيّة ، إذ لو لم يكن ذلك كافيا لم يحسن عدم انضمام شيء آخر إليه كما ينضمّ إليه عند تعدّد الشروط.
ولا يخفى ما فيه من المنع والمصادرة في وجه وعدم كفايته في المدّعى في وجه آخر ، وذلك يظهر بأدنى تدبّر وتأمّل.
فالأولى دعوى استفادة السببيّة من أدوات الشرط بحسب الوضع ، كما لا بعد في ذلك أيضا عند ملاحظة معناها.
__________________
(١) في ( ع ) : « عدم تنافي ».
(٢) في ( ط ) : « أفرادها ».
(٣) في ( ع ) : « إذ ».