يحسن قولك : « أكرم الزائر ولو كان حافيا » فإنّ كونه حافيا يوجب مزيد الإكرام (١) فلا يحسن ذكره عقيب أداة الوصل. فليس التجوّز في كلمة « إن » وأخواتها ، بل التصرّف إنّما هو في المعنى بادّعاء سببيّة ما يحتمل مانعيّته ، كما في قوله تعالى : ( لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً )(٢) تنزيلا للعدوّ منزلة الصديق في وجه.
الثاني : في أنّ العلاقة المعتبرة بين الشرط والجزاء هل هي السببيّة وعلّيّة الشرط للجزاء ، أو هي أعمّ منها؟ ظاهر كثير من الاستعمالات هو الأوّل ، حتّى أنّ جماعة ـ كالمحقّق القمّي رحمهالله (٣) وغيره (٤) ـ راموا تأويل الموارد التي لا يكون الشرط فيها علّة للجزاء ، كما في قولهم : « إذا نزل الثلج فالزمان شتاء » : بأنّ الشرط في المقام وإن لم يكن سببا لتحقّق الجزاء ، بل الأمر على عكس ذلك ، إلاّ أنّ الشرط سبب للعلم بتحقّق الجزاء. وإن كان ذلك لا يخلو عن مساهلة ، حيث إنّ العليّة المفروضة إنّما هي بين العلمين ، لا بين جزأي الكلام.
وبالجملة ، لا ينبغي الإشكال في أنّ الظاهر من الجمل الشرطيّة هو سببيّة الاولى للثانية ، وإنّما الإشكال في أنّ الوجه في ذلك الظهور هو الوضع فاستعمال الجملة الشرطيّة فيما يكون الجزاء علّة للشرط أو كلاهما معلولي علة ثالثة أو غير ذلك من أنواع اللزوميّة استعمال مجازيّ ، أو الوجه فيه هو إطلاق الجملة وعدم تقييدها؟ وجهان :
للأوّل : أنّ الأصل في الظهور استناده إلى الوضع.
__________________
(١) في ( ع ) زيادة : « بطريق أولى ».
(٢) القصص : ٨.
(٣) القوانين : ١٧٥.
(٤) انظر الفصول : ١٤٩ ، ومفاتيح الاصول : ٢١١ ـ ٢١٢ ، ونقلا عن التفتازاني أيضا.