وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أنّ تنقيح البحث في موارد :
الأوّل : في أنّ الجملة الشرطيّة هل هي ظاهرة في اللزوميّة؟ فيستفاد منها تعلّق أحد الجزءين بالآخر على وجه يكون الاتّفاقيّة خارجة عن حقيقتها أو لا.
فنقول : لا ينبغي الإشكال في أنّ الجملة الشرطيّة ظاهرة في إفادة الربط والتعلّق بين جزأيها ، كما يقضي بذلك العرف في موارد استعمالها ، بل لا يكاد يتّضح معنى أداة الشرط في قولك : « لو كان الإنسان ناطقا كان الحمار ناهقا » إلاّ بضرب من التأويل.
وأمّا استعمال أدوات الشرط في الوصليّة ـ مستعملة في التسوية (١) ـ كما في قوله : « أكرم الضيف ولو كان كافرا » (٢) فيحتمل أن يكون المراد منها إفادة التسوية بين الكفر والإسلام في لزوم الإكرام ، فيكون أداة الشرط مثل استعمال بعض الحروف في غير معناه ، كاستعمال « في » في قوله : إنّ « امرأة دخلت النار في هرّة » (٣) في التعليل.
ويحتمل أن يكون المراد منها الربط بين الشرط والجزاء ، لكنّه بعد إعمال ضرب من التأويل ، كأن يقال : إنّ المتكلّم بواسطة زيادة اهتمامه واعتنائه في إفادة لزوم إكرام الضيف في المثال المذكور ، جعل ما ليس بسبب سببا وحكم بالتسوية بين الكفر والإسلام ، فالسببيّة بواسطة العطف مبالغة في دفع ما يتوهّم من كونه مانعا عن الحكم بالإضافة والإكرام ؛ ومن هنا يشترط في حسن استعمال الوصليّة احتمال مانعيّة مدخول أداة الشرط عن الحكم المذكور قبلها ، ومن ثمّ لم
__________________
(١) لم ترد « مستعملة في التسوية » في ( ع ).
(٢) كنز العمّال ١٥ : ٣٨ ، الحديث ٣٩٩٧٦.
(٣) مسند أحمد ٢ : ٥٠٧.