الثاني : ما يلزم من عدمه العدم ، من دون ملاحظة أنّه لا يلزم من وجوده الوجود. وهو بهذا المعنى من الجوامد ولا يكون مشتقّا.
فيكون لفظ « الشرط » مشتركا بين المعنيين ، مثل اشتراك لفظ « الأمر » بين المعنى الحدثي الذي يشتقّ منه « الأمر » و « المأمور » ، والمعنى الاسمي كـ « الشيء » و « الشأن » ونحوهما. وأمّا اشتقاق « المشروط » منه بهذا المعنى فهو ليس على الأصل ، بل هو اشتقاق جعليّ مثل اشتقاق « المسبّب » من لفظ « السبب » مع أنّه ليس المراد منه معنى يمكن الاشتقاق منه كما هو ظاهر ؛ ولذلك ليس الفاعل وهو « الشارط » والمفعول وهو « المشروط » منه (١) متقابلين في الفعل والانفعال ، بل الشارط هو الجاعل والمشروط هو ما جعل له الشرط ، كالصلاة بالنسبة إلى الطهارة. وقاعدة الاشتقاق تقضي بأن يكون المشروط هو نفس الطهارة ، وذلك ظاهر.
وله في اصطلاح أرباب النحو معنى ، وهو : الجملة الواقعة عقيب « إن » وأخواتها ، وهو مأخوذ من المعنى الثاني من جهة إفادة تلك الجملة لكون مضمونها شرطا بالمعنى الثاني.
وفي اصطلاح أرباب المعقول والاصول له معنى آخر ، وهو : ما لا يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم ، فيكون مأخوذا أيضا من المعنى الثاني ، إلاّ أنّه اعتبر فيه عدم اللزوم بين الوجودين ، في قبال السبب حيث اخذ فيه الملازمة.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ المعنى الثاني ليس خارجا عن المعنى الأوّل ، بل هو من نتائج بركاته ولو بنحو من العناية ، كما لا يكاد يخفى.
__________________
(١) كذا ، والظاهر زيادة : « منه ».