وبالجملة ، لا نجد فرقا بين المقامين في مورد الحمل ، وهو ما إذا كان المطلوب من المطلق نفس المعنى من دون مدخليّة شيء في الماهيّة وعدمه ، وهو ما إذا كان المطلق واقعا موقع البيان.
وممّا ذكرنا يظهر : أنّ المنفيّين لا يجب رجوعهما إلى العموم والخصوص دائما (١) كما زعمه جماعة (٢).
فإن قلت : إنّ الواقع في حيّز النفي يلزم أن يكون واردا في مقام البيان كما يساعده العرف ، فيتّجه قول المشهور.
قلنا : إن أريد أنّ أغلب موارد النفي هو ذلك ، فعلى تقدير تسليمه لا يضرّ فيما نحن بصدده من الحمل ، كما أنّ أغلب موارد الإثبات أيضا كذلك. وإن اريد الملازمة الدائمة فلا نسلّم ذلك ، كيف! ولا يقضي به شيء والعرف بخلافه ، كما يظهر من قول الطبيب إذا أراد علاج شخص خاصّ ، فإنّه كما يصحّ له الأمر بشرب الدواء على وجه الإهمال يصحّ النهي عن شرب الدواء على وجه الإهمال من غير تناقض وعدول عن الظاهر ، كما هو ظاهر لمن تدبّر فيما ذكرنا من أحوال الماهيّة.
فإن قلت : إنّ وقوع الماهيّة في حيّز النفي وإن كان لا يقضي بذلك ، إلاّ أنّ دليل الحكمة يقضي به فيقع في مورد البيان بواسطة الدليل.
قلت : ذلك إنّما يتمّ فيما إذا تجرّد المطلق عن ورود المقيّد ، وأمّا مع ورود المقيّد فلا يجري فيه دليل الحكمة ، كما هو كذلك في الإثبات أيضا ، فتدبّر.
__________________
(١) لم يرد « دائما » في ( ق ).
(٢) راجع شرح مختصر الاصول : ٢٨٦ ، والإحكام ٣ : ٧ ـ ٨ ، والنهاية : ١٧٥.