المقام الخامس : فيما إذا كانا مختلفين ، بأن كان المطلق مثبتا والمقيّد منفيّا ، فإمّا أن يكون النفي في المنفيّ واردا على الحكم كقولك : « يجب عتق الرقبة » و « لا يجب عتق الرقبة المؤمنة » (١) وإمّا أن يكون واردا على المحكوم به كقولك : [ يجب عتق الرقبة ويجب عدم عتق الرقبة المؤمنة إذا كان النفي والإثبات مستفادين من نفس الحكم ، كقولك : ](٢) « أعتق رقبة » و « لا تعتق رقبة مؤمنة » مثلا.
فعلى الأوّل : إن استظهرنا أنّ وجوب المنفيّ هو مطلق الوجوب الشامل للوجوب العيني والتخييري الشرعي والعقلي ، فلا بدّ من التقييد كما هو ظاهر.
وإن لم نستظهر ذلك فلا داعي على التقييد ؛ لانّ الواجب حقيقة هو المطلق وإن كان هو عين المقيّد في وجه ، لكن يمكن أن يقال : إنّه ممّا لم يتعلّق به الأمر بخصوصه فلا منافاة فلا يجب التقييد.
وعلى الأخيرين : سواء كان العموم والخصوص بين نفس الفعلين مع قطع النظر عن متعلّقهما أو كان بين المتعلّقين ـ كما فيما نحن فيه ـ فإن قلنا بأنّ النهي (٣) يقتضي الفساد فلا بدّ من التقييد ، لدلالته على عدم حصول الإجزاء بالإتيان بالمقيّد ، فيقدّم على ما أفاده الأمر بالمطلق من حيث عدم البيان ؛ لأنّه بيان. وإن قلنا بعدم الاقتضاء فعلى القول بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي يجب التقييد (٤) ، وعلى القول بالجواز لا داعي على التقييد ويجزي الإتيان بالمقيّد عن الأمر الوارد
__________________
(١) في ( ق ) بدل « المؤمنة » : « الكافرة ». وهكذا فيما يأتي من المثالين.
(٢) ما بين المعقوفتين لم يرد في ( ش ).
(٣) في ( ش ) و ( ع ) والمطبوع : « النفي ».
(٤) في ( ق ) زيادة : « أيضا ».