وأمّا ما لم يعلم بقيام سبب آخر فظاهر الجملة يلزم الأخذ به من دون اعتناء باحتمال وجود سبب آخر ، كما هو الحال في سائر الظواهر. وبالجملة ، فمع احتمال تعدّد الأسباب لا ينبغي الاعتناء به ، ومع العلم فهو المتّبع ، ولكنّه لا يضرّ ما نحن بصدده من ثبوت المفهوم ، فإنّ القائل بالمفهوم يلتزم بالتقييد (١) ويحكم بعدم الجزاء عند عدم الشرط بجميع أفراده لا في الجملة ، وهو ظاهر في الغاية.
لا يقال : يمكن أن يكون السبب الآخر المحتمل قيامه مقام السبب الأوّل ملازما في الوجود مع نقيض الشرط ، وحينئذ لا سبيل إلى القول بأنّ قيام سبب آخر لا ينافي ثبوت المفهوم.
لأنّا نقول : إن أريد أن يكون الحكم ثابتا على تقديري وجود الشرط وعدمه ؛ لأنّ عدمه يقوم مقام وجوده في ترتّب الجزاء عليه ، فلا يمكن القول بالمفهوم ، لاستلزامه ارتفاع النقيضين فهو على تقدير تعقّله يوجب إلقاء الاشتراط ، إذ لا فائدة في الاشتراط بالشرط المذكور. وإن اريد غير ذلك كأن يكون هناك ضدّان كالسواد والبياض وكلّ واحد منهما باعتبار جامع بينهما يقتضي حكما ، فيجوز التعلّق المذكور ، ولا يضرّ في ثبوت المفهوم ، إذ يقال : إنّه على تقدير وجود السواد والبياض (٢) الحكم كذا ، وعلى تقدير عدمهما معا فالحكم المذكور منتف. ولا ضير في ذلك.
فإن قلت : قد يكون السبب القائم مقامه محتملا لعدّة امور فيصير مجملا ، فيلغو اعتبار المفهوم.
__________________
(١) في ( ع ) : « بالتقيّد ».
(٢) في ( ع ) : « أو البياض ».