فإن أراد السيّد : أنّ حكم العقل بوجوب شيء وإدراكه العلّة التامّة المقتضية للوجوب لا يلازم صدور الخطاب على وجه يصدق أنّه حكم فعلي تنجيزيّ صادر من الشارع فمسلّم ، لكنّه لا يجديه ، فإنّ مدار الثواب والعقاب هو الإرادة والطلب الحتمي ، كما يشهد به الوجدان على ما ترى بالقياس إلى حال العقلاء في تعذيب عبيدهم ، فلو علم العبد بعدم إرادة المولى قتل ولده أو إرادة إكرامه وقتله أو أكرمه فيعدّ عندهم عاصيا ومطيعا من غير أن يدانيه (١) ريبة أو يخالطه شبهة ، كما لا يخفى (٢). وليس في صدور اللفظ المعبّر عنه بالخطاب مدخليّة في ذلك كما هو ظاهر لا سترة عليه (٣). ومثله ما لو أراد من « الحكم » فيما نفى الملازمة بينه وبين حكم العقل الحكم الشأني كما في الإطلاق الثاني.
والظاهر أنّ القائل بالملازمة أيضا لا يقول به بواسطة مجرّد حكم العقل ، ألا ترى في المثال المذكور مع قطع العبد بعدم إرادة المولى قتل ولده يقطع بعدم صدور الخطاب عنه أيضا ولا تنافي بين القطعين؟
ويؤيّد ما ذكرنا : من عدم إرادة القائل بالملازمة ذلك : أنّ المتكلّمين من أصحابنا مع كونهم قائلين بأنّ الجهات الثابتة في الأفعال علل تامّة لم يكتفوا في إثبات التكاليف بمجرّد ذلك ، بل قالوا بها بواسطة وجوب اللطف.
نعم ، لو انضمّ إلى ذلك مقدّمة خارجيّة أخرى كقولهم باللطف أو قولهم بعدم جواز خلوّ الواقعة عن الأحكام ـ كما يستفاد من جملة من الأخبار (٤) ـ صحّ
__________________
(١) في ( ش ) : « يذهبه ».
(٢) لم يرد « كما لا يخفى » في ( ش ).
(٣) لم يرد « لا سترة عليه » في ( ش ).
(٤) الوسائل ١٩ : ٢٧١ ، الباب ٤٨ من أبواب ديات الأعضاء.