اخرى ، وأمّا إذا ظهرت فائدة فلا ، كما في الآية ، فإنّ الوجه في التعليق يحتمل أن يكون المبالغة في النهي عن الإكراه ، يعني : أنّهنّ إذا أردن العفّة فالمولى أحقّ بإرادتها.
ويرد على الأوّل ـ بعد الغضّ عن إمكان الواسطة عند عدم الالتفات أو عنده مع التردّد ـ : أنّ ذلك يوجب إلغاء المفهوم ، فإنّه كما ستعرف يجب أن لا يكون بين المفهوم والمنطوق اختلاف إلاّ من جهة الإيجاب والسلب ، والمفروض في المنطوق هو وجود الموضوع ، فيجب اعتباره في المفهوم أيضا.
وتوضيحه : أنّه لو قال المولى لأحد غلمانه : « إن جاءك زيد فأضفه » فلا بدّ أن تكون الإضافة المنفيّة في طرف المفهوم أمرا مقدورا كما أنّها في المنطوق كذلك ، فلو كان الإضافة في المفهوم غير مقدور كان التعليق المذكور تعليقا مجازيّا. وصدق السالبة بدون الموضوع وإن كان صادقا ، لكنّه لا يصحّح ثبوت المفهوم ؛ لما عرفت ، فلا وجه لتصحيح المفهوم بما ذكر ، بل الظاهر أنّ الجملة الشرطيّة مسوقة في مثله لبيان موضوع الحكم ، كما في قوله : « إن ركب الأمير فخذ ركابه » و « إن رزقت ولدا فاختنه » وقوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا )(١) إلى غير ذلك من الموارد.
وعلى الثاني (٢) : أنّ ذلك ينافي القول بالمفهوم ، فإنّ اللازم حينئذ اقتصار الحكم بما إذا علم عدم الفائدة. ودعوى كونها أظهر الفوائد إن رجعت إلى دعوى الوضع ، فمرجعها إلى ما قلنا ، وإلاّ فلا فائدة فيها. وهو ظاهر.
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) عطف على قوله : « ويرد على الأوّل ».