لا بدّ وأن يكون الفعل فيها غير مطلوب ، إذ بعد تسليمه فإنّما هو فيما تعلّق الأمر اللفظيّ به وتخيّله المكلّف مأمورا به.
ولا دليل على أنّ ذلك الأمر لا يصحّ أن يجعل طريقا إلى الوصول إلى ما هو المطلوب حقيقة ، كما أنّه لا ينافيه مبغوضيّة ما تعلّق الأمر به ظاهرا ، نظرا إلى أنّ المطلوب الحقيقي هو إظهار الإطاعة والانقياد ، ومن جملة ما يحصل به هذا المفهوم هو قطع اليد أو قتل الولد ، والمفروض كونه مبغوضا للمولى ، والوجه في ذلك : هو أنّه كما يحصل بالقتل ذلك المفهوم فكذلك يحصل بإيقاعه في معرض القتل أو القطع ، كما هو ظاهر.
ومن ذلك كلّه ظهر أنّ ما زعمه المحقّق القمّي تبعا لبعضهم : من أنّ الأمر في أمثال المقام مجاز عن المقدّمات (١) ممّا لا وجه له.
والحاصل : أنّ الأوامر الابتلائيّة لا ترد نقضا على الملازمة بعد احتمال ما ذكرناه ، فكيف بأنّ الظاهر من مساق كلماتهم هو ذلك الاحتمال! (٢) فتأمّل جيّدا تهدى إلى الحقّ.
الثاني (٣) : التكاليف التي ترد مورد التقيّة إذا لم يكن في نفس العمل تقيّة فإنّ إمكانها بل وقوعها في الأخبار المأثورة عن أئمّتنا الأطهار عليهمالسلام لا يكاد يعتريه شوب الإنكار وإن منعنا وقوعه في حقّه تعالى بل وفي حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا ، فإنّ تلك التكاليف متّصفة بالحسن والرجحان ، لما فيها من صون المكلّف والمكلّف عن شرور المخالفين وإن تجرّد المكلّف به عن الحسن الابتدائي. وطريان الحسن
__________________
(١) القوانين ٢ : ٤.
(٢) في ( ط ) زيادة : « ما قلنا ».
(٣) من الوجوه التي استند إليها صاحب الفصول.