بغيره ظاهرا ، فالمأمور به بالأمر اللفظي شيء والمقصود من الأمر الذي حسنه اقتضى صدور الأمر من الآمر شيء آخر ، إلاّ أنّ تعلّق الأمر به حيث لم يكن ممكنا لأدائه إلى مفسدة ابتداء تعلّق الأمر بغيره على وجه يحصل بواسطة تعلّق الأمر به ذلك العنوان الحسن ، فيصير مأمورا به بأمر آخر ؛ مثلا إذا كان في إظهار الإطاعة للمولى حسن أو مصلحة دعت إلى طلبه من العبد ، فلا يصحّ الأمر بإظهار الإطاعة ابتداء من غير سبق تكليف ؛ لأنّ الإطاعة ترجع في محصّل المعنى إلى الامتثال بأوامر المولى والإتيان بما تعلّق به الأمر ، والمفروض انتفاء موضوعه في المقام ، فلا بدّ في ذلك من الأمر بشيء آخر مثل الأمر بقطع يده مثلا أو قتل ولده لتحصيل موضوع ما هو مطلوب واقعا : من إظهار الإطاعة وإن لم يكن قطع اليد محبوبا له ، بل إنّما يكون مبغوضا ، فكان الأمر اللفظي في المقام جزء لموضوع ما هو المقصود حقيقة ، وبعد تحصيل ذلك الموضوع يحكم العقل بالأمر العقلي بالإطاعة المطلوبة للمولى حقيقة ، فالأمر اللفظي لا يورث وجوبا في متعلّقه واقعا وإن تخيّله المأمور من حيث جهله بالواقع وكشف اللفظ عن الوجوب ظاهرا ، ولا يتبع هذا حسنا ، بل هو مستتبع لموضوع حسن تعلّق الأمر الحقيقي به.
وإذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ القسم الأوّل ممّا لا كلام فيه ، والقسم الثاني ممّا لا دخل له في المقام ، فإنّه أمر صوري لفظي صرف وتخيّل بحت. وأمّا القسم الثالث فبالنسبة إلى الأمر المتعلّق لفظا بقطع اليد أو ذبح الولد فلا شكّ في كونه صوريّا بحتا لا يورث وجوبا في الواقع وإن تخيّله المكلّف ـ بواسطة عدم اطّلاعه وجهله بالواقع وبالنسبة إلى المطلوب ـ واقعا ، فهو كالقسم الأوّل من حيث إنّ حسن الفعل دعا إلى الأمر به. والأوامر الابتلائية يحتمل أن تكون من هذا القبيل ، ولا ينافيه ما اشتهر في الألسنة : من أنّ التكاليف الابتلائية