وتحقيق المقام إنّما هو بعد بسط في الكلام ، فنقول : إنّ التكليف بشيء يقع على وجوه :
الأوّل : أن يكون الفعل المأمور به مشتملا على مصلحة توجب الأمر به أو يشتمل على مفسدة مقتضية للنهي عنه بحيث لو نهى عن الأوّل أو لم يأمر به أو أمر بالثاني (١) أو لم ينه عنه لكان قبيحا على ما عرفت مرارا ، وهذا هو القسم الشائع عندنا معاشر العدليّة.
الثاني : أن يكون المصلحة في نفس صدور الأمر من غير أن يكون الفعل ذا مصلحة بوجه ، بل قد يكون الفعل مبغوضا للآمر ، لكن المصلحة المقتضية لصدور الأمر دعته إلى الأمر به كالأوامر الواردة في مقام التقيّة من غير أن يكون في نفس العمل تقيّة ، ولا شكّ أنّ هذا القسم من الأمر لا يورث إيجابا بالنسبة إلى الفعل ولا شيئا آخر ، وإنّما هو فعل قد ألجأت إليه الضرورة فوقع من غير أن يكون منوطا بحسن في متعلّقه ، وإنّما الحسن في نفسه على النهج السائر في الأفعال الاختياريّة التي يكفي في صدورها عن الفاعل وجود الداعي إليه بخصوصه ولو كان هو حفظ النفس عن مكائد الأعادي ، بل هو من أعظم الدواعي.
الثالث : أن يكون المصلحة في الفعل ، لكنه بعد ما تعلّق الأمر به فتارة من حيث إنّ الفعل محصّل للامتثال بالنسبة إلى أمر المولى ، واخرى من حيث إنّ الفعل بعد ما تعلّق الأمر به (٢) ظاهرا [ إنّما ](٣) اشتمل على عنوان حسن كان الأمر به طريقا إلى تحصيل ذلك العنوان الحسن الذي هو المقصود بالأمر واقعا وإن تعلّق
__________________
(١) لم ترد « أو لم يأمر به أو أمر بالثاني » في ( ش ).
(٢) لم ترد عبارة « فتارة ـ إلى ـ الأمر به » في ( ش ).
(٣) لم يرد « إنّما » في ( ش ).