والجواب عنه :
أمّا أوّلا : فبأنّه خارج عن محلّ الكلام ، فإنّ الكلام إنّما هو في الملازمة بين حكم العقل بعد إدراكه الجهة المحسّنة والمقبّحة وحكم الشرع ، ولا وجه للابتلاء بعد العلم بحال الفعل وجوبا وحرمة ، لعدم وجود الفائدة فيه ، كما لا يخفى. نعم ، إنّما يرد ذلك نقضا على الملازمة بين حكم الشرع والعقل التي مرجعها إلى الحكم بتبعيّة الأحكام الشرعيّة للصفات الكامنة في الأشياء باعتبار حدود ذواتها أو بعد انضمام أمور أخر إليها زمانا ومكانا ونحوهما. ومن هنا يظهر عدم استقامة ما أجاب به عن الاعتراضات التي أوردها المحقّق القمّي على الوجه المذكور ، حيث إنّه إنّما حاول دفعها على (١) ذلك المقام ، وقد عرفت أنّه لا ربط بين المقامين (٢).
وأمّا ثانيا : فبأنّ التكاليف الابتلائيّة خارجة عن محلّ تشاجرهم وحريم نزاعهم ، إذ ليست بتكاليف حقيقة ، فإنّ التكاليف الحقيقية ـ على ما هو المصرّح به في كلام المتكلّمين ـ لا بدّ وأن تكون مشتملة على حسن زائد على حسن التكليف (٣).
قال المحقّق الطوسي قدسسره القدّوسي في مقام بيان شرائط حسن التكليف : وشرائط حسنه انتفاء المفسدة وتقدّمه وإمكان متعلّقه وثبوت صفة زائدة على حسنه (٤).
__________________
(١) في ( ط ) : « دفعه في ».
(٢) في ( ط ) زيادة : « كما لا يخفى على المتدبّر فيهما ».
(٣) في ( ش ) : « التكاليف ».
(٤) تجريد الاعتقاد : ٢٠٣.