فيه يشتمل على الحسن قطعا ؛ لأنّ الفعل الواقع في مقام الخوف على النفس له وجه يغاير سائر وجوهه ويختلف الحسن والقبح باختلاف الوجوه المتّحدة مع الفعل المنتزع عنه ، كما لا يخفى. وقد ورد نظير ذلك في الأخبار بحيث لا يكاد يشوبه الإنكار ، فمن ذلك : ما قد قاله الإمام عليهالسلام فيما سأله السائل عن الوتر من وجوبه ، ثم فسّره بوجوبه على الرسول (١). وقوله : « أصبت » ثم فسّره بـ « أصبت الباطل » (٢). وقوله في الشيخين : « إنّهما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحقّ وماتا على الحق » (٣) ثم فسّره بما ينافيه ظاهرا. ولا قبح في ذلك الوجه بوجه.
وأمّا حمل الأمر فيها على مجرّد اللفظ وإيجاد صيغة الأمر صورة من غير إرادة معنى منه ـ نظير الكذب في الإخبارات من حيث عدم مطابقة نسبة الكلام للواقع ـ فلا بعد فيه أصلا كما زعمه. والعجب أنّه لا يستبعد وقوع التكليف بالقبح ويستبعد حمل الأمر في أمثال المقام على الأمر الصوريّ! مع أنّه في مقام التقيّة لا غائلة فيه بوجه.
الثالث (٤) : أنّ جملة من الأوامر الشرعيّة متعلّقة بجملة من الأفعال مشروطة بقصد التقرّب والامتثال حتّى أنّها لو تجرّدت عنها تجرّدت عن وصف الوجوب كالصوم والصلاة والحجّ والزكاة ، فإنّ وقوعها موصوفة بالوجوب الشرعي أو رجحانه مشروط بنيّة القربة ، حتى أنّها لو وقعت بدونها لم تتّصف به ، مع أنّ تلك الأفعال لا تخلو واقعا إمّا أن تكون واجبات عقليّة مطلقا أو بشرط الأمر بها
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٥٠ ، الباب ١٦ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ٦.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) الصوارم المحرقة : ١٥٥ ، والصراط المستقيم ٣ : ٧٣.
(٤) من الوجوه التي استند إليها صاحب الفصول.