ووقوعها بقصد الامتثال ، وعلى التقديرين يثبت المقصود ، أمّا على الأوّل : فلحكم العقل بوجوبها عند عدم قصد الامتثال وحكم الشارع بعدم وجوبه ، وأمّا على الثاني : فلانتفاء الحسن قبل التكليف وحصوله بعده ، فلم يتفرّع حسن التكليف على حسن الفعل (١).
أقول : ويمكن تحريره بوجه آخر يغايره في الجملة ، وهو : أنّه لا شكّ في اشتراط جملة من الأفعال بالإتيان على وجه الامتثال ، فمع قطع النظر عن هذا الاشتراط ، فإمّا أن يكون تلك الأفعال مشتملة على حسن يقتضي الأمر بها أو لا ، وعلى التقديرين لا يتمّ الملازمة ، أمّا على الأوّل : فلأنّها لا تجزي عن التكليف الواقعي ، وأمّا على الثاني : فلأنّها مأمور بها مع أنّه لا حسن فيها ولا تناقض (٢) في البين ، كما لا يخفى.
فإن قلت : إنّ الأمر يتعلّق بها من حيث اشتراط وجه القربة قلنا : الكلام في الجهات التي يتفرّع عليها التكليف ، ووجه القربة (٣) إنّما يتفرّع على التكليف ، فلا يحصل إلاّ بعد الأمر ، فأخذه في المأمور به يوجب الدور المحال.
والجواب عنه بكلا تحريريه.
أمّا أوّلا : فبخروجه عمّا نحن فيه ، إذ الكلام فيما إذا أدركت عقولنا حسن الفعل أو قبحه فهل يكشف عن حكمه الشرعي أم لا على ما عنون به المبحث؟ وذلك إنّما يرد نقضا على الملازمة بين حكمي العقل والشرع ، ولا يرتبط بما نحن فيه (٤) أصلا.
__________________
(١) الفصول : ٣٣٩.
(٢) في ( ش ) شطب على كلمة « تناقض » وكتب عليه : ملازمة.
(٣) لم ترد عبارة « قلنا ـ إلى ـ القربة » في ( ش ).
(٤) في ( ط ) بدل « فيه » : « بصدده ».