ودعوى استقرار بناء العقلاء على عدم اعتبار ما يحتمل مانعيّته في ترتيب آثار (١) المقتضي بعد إحراز المقتضي غير مسموعة جدّا ، كيف! ولا نجد منها عينا ولا أثرا ، ألا ترى أنّه من أراد المسافرة إلى بلد خاصّ بعد وجود المقتضي لذلك السفر واحتمل هناك مانعيّة شيء موجود عنه فهم لا يترتّبون (٢) آثار وصول المسافر إلى البلد المقصود له عليه : من إرسال المكاتيب إليه وتوكيله وجعله وصيّا ، وغير ذلك.
وأمّا أصالة عدم وجود المانع فقد تقرّر (٣) في محلّه : أنّه جار في الامور الشرعيّة ، فإنّ من آثار عدم المانع الشرعي وجود المقتضي الشرعي بخلاف الامور الواقعيّة فإنّها تستند إلى عللها الواقعيّة بجميع أجزائها : من وجود المقتضيات ورفع الموانع ، فعدم المانع المحرز بالأصل (٤) لا يجدي في الحكم بوجود المقتضي فيها.
وبالجملة ، مرجع الأصل في أمثال ذلك إلى الاصول المثبتة ، ولا ثبات لها عندنا (٥).
والحاصل : أصالة عدم المانع وإن كان يجدي في إثبات الملازمة الظاهريّة ، إلاّ أنّ الكلام في مورده ، فإثبات أنّ المقام إنّما هو ممّا نعلم فيه بوجود المقتضي ونشكّ في وجود المانع دونه خرط القتاد.
__________________
(١) في غير ( ط ) : « الآثار ».
(٢) كذا ، والمناسب : لا يرتّبون.
(٣) في ( ط ) : « قلنا ».
(٤) في ( ط ) زيادة : « الشرعي ».
(٥) العبارة في ( ط ) هكذا : « فإنّه أصل مثبت ولا ثبات له عندنا ».