وقد يستفاد من كلامه الملازمة الظاهريّة أيضا فيما لو أدرك العقل بعض جهات الفعل واحتمل وجود معارض يعارض قبحه أو حسنه فيما أدركه ، كما إذا أدرك حسن العدل أو قبح الكذب ولكنّه يحتمل هناك وجود عنوان آخر في الكذب من إنجاء نفس محترمة ونحوه ، فانّ العقل في مقام الظاهر يستقلّ بحرمته أو وجوبه مثلا ما لم ينكشف الخلاف أو يعتمد على أصالة عدم المانع ، وهذا أيضا ممّا لا وجه له في وجه ، فانّ العقل بعد ما أحرز العنوان الحسن فلا يجدي في الحكم بخلاف مقتضاه احتمال طريان عنوان القبيح ؛ لأنّ الحسن وخلافه من الصفات الطارئة على الأفعال الاختياريّة والعناوين المقصودة ، فكلّما لم يكن العنوان القبيح مقصودا لا يتّصف بالقبح وإن وقع وكذا العنوان الحسن ، فإنّ قطع اليد من اليتيم ممّا يستقلّ به العقل قبحا ، ولا يكفي في رفع قبحه احتمال رفع شقاقلوسه (١) مثلا وإن وقع مفيدا واقعا ، فالحكم بقبح الظلم وقطع اليد حكم واقعيّ غير مبتن على الظاهر ، فعند عدم القصد إلى العنوان الحسن لا يتزلزل العقل في الحكم بالقبح حكما واقعيّا ولا يحتمل الخلاف لا في الواقع ولا في الظاهر ، فكيف يكون مثل هذا الحكم حكما ظاهريّا؟ ولا حاجة إلى إعمال الأصل في عدم لحوق العنوان المحتمل ، فإنّ الآثار التي تحرز بالأصل ويحكم بترتّبها في المقام ممّا (٢) يترتّب على نفس الشكّ في وجود العنوان اللاحق من غير حاجة إلى إعمال الأصل ، كما لو شككنا في حجّيّة أمارة فنفس الشكّ فيها يكفي في عدم ترتيب آثار الحجّيّة عليها فلا فائدة حينئذ في إجراء أصالة عدم الحجّيّة كما نبهنا عليه في مباحث حجّيّة الظنّ.
__________________
(١) هو داء يموت أو يفسد به العضو ، أصله : سفاكلوس ، لغة يونانيّة ( لغت نامه دهخدا ٩ : ١٢٦٤٤ ).
(٢) في ( ش ) زيادة : « لا ».