والمنتهية إلى الضرورة و (١) لا ينكرون ثبوت الملازمة بعد تسليم الإدراك كما عرفت في إلزاماتهم على العدليّة ؛ فتنبّه في الغاية وتذكّر ما أسلفنا لك في تحرير العنوان إلى النهاية.
وأمّا الإجماع المركّب : فلأنّ علماء الإسلام بأجمعهم بين منكر للحسن والقبح العقليّين وبين ملتزم بالملازمة بين الحكمين ، فكلّ من قال بثبوت الإدراك العقلي التزم بملازمته للحكم الشرعي ، إلاّ ما قد يحكى عن الزركشي (٢) وأشباهه ممّن لا يعتدّ بشأنهم في تحصيل الإجماع الكاشف عن رضا الإمام والرئيس بالعمل بما أدركه العقل ، فالقول بثبوت الحسن والقبح وانتفاء الملازمة إحداث لقول ثالث ، فيكون باطلا.
وممّا يدلّ على ثبوت الملازمة أيضا : الكتاب والسنّة :
فمن الأوّل : قوله ـ عزّ من قائل ـ في مدح النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( ... يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ... )(٣) والتقريب : أنّ المعروف والمنكر هما الحسن والقبيح العقليّان ، والمستفاد من السياق بدلالة وقوعه في مقام المدح هو العموم وإن كان تعريف الجنس ممّا لا يلازمه ، ولا مدح على تقديره كما لا يخفى. والأمر فيه محمول على مطلق الطلب ، لعموم المعروف للمستحب ، فالترك لو كان من المنكرات التي تنهى عنها فالفعل واجب وإلاّ فهو مستحبّ ، فلا يرد عدم التميز كما زعمه بعض الأجلّة (٤).
__________________
(١) الظاهر زيادة : و.
(٢) حكاه الفاضل التوني في الوافية : ١٧٥.
(٣) الأعراف : ١٥٧.
(٤) انظر الفصول : ٣٤١.