ومنها : احتجاج الأشعري (١) في نفي الحسن والقبح : بلزوم الجبر في أفعاله تعالى ، وجواب العدليّة (٢) : بأنّ انتفاء القبح لصارف لا ينافي الاختيار وعدم تعرّضهم في دفع ذلك بمنع الملازمة مع كفايته في الجواب ، كما لا يخفى.
ومنها : احتجاج الأشعري أيضا : بنفي التعذيب اللازم للحكم الشرعي على انتفاء الملزوم كما يرشد إليه قوله تعالى : ( ... وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )(٣) وجواب أهل العدل : بأنّ الرسول أعمّ من الرسول الظاهر ، ولم يتعرّض واحد منهم لنفي الملازمة إلاّ من هو محجوج بالإجماع.
ومنها : ما أضافه بعضهم (٤) بالمدح والذمّ الثواب والعقاب آجلا وعاجلا في تفسير الحسن والقبح عند تحريره لمحلّ النزاع ، فإنّه قد أفرط في الإشعار بأنّ بعد تسليم الإدراك لا ينبغي التشكيك في ثبوت الملازمة حتّى أنّه يعلم في مقام إثبات الحسن والقبح ، وإلاّ فهو بظاهره فاسد ، إذ لا يذهب وهم إلى دعوى إدراك الثواب والعقاب في الآجل إلاّ بعد تسالم الخصمين بعد الإدراك في ثبوته.
وبالجملة ، فمن تدبّر في مطاوي كلماتهم في مجاري استدلالاتهم وموارد ثمراتهم وتحرير عنواناتهم لا يكاد يرتاب في ثبوت الملازمة بعد تسليم صغرى الإدراك ، حتّى أنّ الأشاعرة الذين نسبتهم إلى القواعد المأخوذة من مشكاة الولاية ومصباح الهداية كنسبة السوفسطائيّة إلى القواعد الموروثة عن البداهة
__________________
(١) راجع الإحكام للآمدي ١ : ١٢٠ ـ ١٣٣ ، والمختصر وشرحه للعضدي : ٧٠.
(٢) راجع كشف المراد : ٣٠٤ ، والفصول : ٣٢٠ وما بعدها ، ومناهج الأحكام : ١٤٠.
(٣) الإسراء : ١٥.
(٤) انظر هداية المسترشدين : ٤٣٣ ، والفصول : ٣١٦.