مثله. أمّا بطلان التالي ، فلما تقدّم في المقام الأوّل. وأمّا الملازمة ، فلأنّ عدم صدق قولنا : « كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل » يلازم عدم صدق عكسه ، وهو قولنا : « بعض ما حكم به العقل حكم به الشرع » وكذب العكس يلازم صدق نقيضه ، لاستحالة ارتفاع النقيضين ، وهو قولنا : « لا شيء ممّا حكم به العقل حكم به الشرع » وقد ثبت أنّ كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، وهو المذكور في التالي.
وأمّا القول بأنّ العقل يمكن أن لا يكون له حكم في مورد حكم الشرع فليس على ما ينبغي ؛ لأنّ الكلام إنّما هو بعد الاطّلاع على الواقع على ما هو عليه ، وعلى تقديره لا يعقل عدم الحكم ؛ لأنّ الأحكام منحصرة بالحصر العقلي في الخمسة ، كما لا يخفى.
ومنها : الكتاب العزيز ، قوله تعالى : ( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ... )(١) وقوله ـ عزّ من قائل ـ : ( قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ... )(٢).
وجه الدلالة : أنّ المستفاد من انحصار المأمور به في القسط والمحرّم في الفواحش هو ذلك ، كما هو ظاهر.
ومنها : الأخبار ، كما في خطبة أوصى بها أمير المؤمنين ابنه الحسن ـ عليهما أفضل الصلاة والسلام من الرحمن وأكملها ـ : من أنّه تعالى « لم يأمرك إلاّ بحسن ولم ينهك إلاّ عن قبيح » (٣) ، وقول الباقر عليهالسلام في رواية سبق
__________________
(١) الأعراف : ٢٩.
(٢) الأعراف : ٣٣.
(٣) نهج البلاغة : ٣٩٦ ، الرسالة ٣١.