ذوات كلّيّات الأجناس العالية والمتوسطة والأنواع الحقيقيّة والأصناف ، أو المراد ذوات المصاديق الخارجيّة والجزئيّات الحقيقيّة ولا يجري هذا التقسيم في الثاني ، إذ لا يعقل أن يكون الجزئي الحقيقيّ مقتضيا للحسن ، لجواز انقسامه باعتبار وجود المانع وعدمه ، والمفروض كونه جزئيّا حقيقيّا ، هذا خلف.
والظاهر أن المراد هو الأول من الأول كما يرشدك إليه ما اورد على القائل بالذاتيّة : من عدم جواز النسخ على تقديرها (١) وجواب بعض أصحاب هذه المقالة بأنّ النسخ من جهة تعارض الذاتيّين (٢) ، فإنّ كلاّ من الإيراد والجواب صريح في أنّ المراد هو أنّ الذات تكفي في انتزاع الحسن والقبح. وكذا يشعر بذلك ما اورد عليهم : من لزوم التناقض في الصدق الضارّ والكذب النافع (٣) ؛ مضافا إلى أنّ احتمال أن يكون الذات مقتضية للحسن والقبح فاسد من جهة أخرى ؛ لأنّ عدم المانع إن لوحظ فيهما على وجه يصير منوعا فينقلب إلى الأوّل ، وإلاّ فلا يفترق عن القول بالوجوه والاعتبارات.
ويحتمل ضعيفا أن يراد بالذات ذوات الجزئيّات أيضا ، إذ ليس المراد : أنّ الحسن والقبح في الكلّ كذلك ، بل قد يكون ذات المصداق الخارجي مقتضيا للحسن أيضا ، فلا ينتقض بالعلم ، لعدم مدخليّة صدق زيد في حسن كلّي الصدق ، كما لا يخفى.
__________________
(١) انظر هداية المسترشدين : ٤٤٠ ، والمناهج : ١٤٢.
(٢) المناهج : ١٤٢.
(٣) انظر الإحكام للآمدي ١ : ١٢٠ وما بعدها ، وهداية المسترشدين : ٤٤٠.