وكيف كان ، فلا بدّ من تشخيص أحد الموضوعين حتّى نجري على منواله في الحكم المذكور.
فنقول : لا إشكال عند العلم بأحد الوجهين. وأمّا إذا لم يعلم ذلك من القرائن الخارجيّة ، فالظاهر أنّ العرف قاض بالوجه الأوّل. وأمّا ما يرى من ظهور قولك : « إن جاءك زيد فلا تقتل أحدا » في الوجه الثاني ـ حيث إنّه لا يدلّ على عدم حرمة قتل أحد على تقدير عدم المجيء ـ فبملاحظة القرينة ، لمكان العلم بأنّ سبب حرمة القتل في كلّ واحد لا ينحصر في الشرط المذكور ، بل لها أسباب عديدة. وذلك مثل قول القائل : « إن كان زيد أميرا لاستغنى كلّ أحد » فإنّه لا يفيد أنّه على تقدير عدم إمارة زيد لا يستغني أحد.
وتوضيح ذلك : أنّه قد يعلم بوجود أسباب كثيرة للحكم المأخوذ في الجملة الشرطيّة ، وحينئذ فلو أخذنا العام في الجزاء دلّ ذلك على سببيّة الشرط لعموم الحكم ، لا للحكم على وجه العموم ، ونحن لا نضايق من ذلك.
والحاصل : أنّ قضيّة ما ذكرنا من التطابق بين المفهوم والمنطوق ، وما تقدّم من ظهور الجملة الشرطيّة في انحصار السبب ـ المؤيّد بفهم العرف فيما نحن فيه أيضا ـ هو الوجه الأوّل. ولا ينافي ذلك ما هو المقرّر في الميزان : من أن نقيض الموجبة الكلّية هي السالبة الجزئيّة ، فإنّ غرضهم لا يتعلّق ببيان ظواهر القضايا ، بل نظرهم مقصور على بيان لوازم ما هو القدر المتيقّن من القضيّة ، ولا ريب أنّ المتيقّن هو اللازم بالنسبة إلى المجموع دون الآحاد.
ومن هنا يعلم صحّة ما أفاده بعض الأساطين (١) في قوله عليهالسلام : « إذا كان الماء
__________________
(١) وهو الوحيد البهبهاني في حاشية المدارك كما نقله عنه في هداية المسترشدين ٢ : ٤٦٠ ، وراجع حاشية المدارك ١ : ٤٨ ، ذيل قول الشارح : لفقد الشرط.