وأمّا على الثاني : فلأنّ مناط الفساد إنّما هو ظهور بطلان القول ، فإن فرض وجود المناط في قول معلوم النسب فهو أيضا باطل ولا ينافي المطلوب. وإن لم يكن المناط موجودا فلا وجه للنقض ، لعدم الاشتراك حينئذ.
وأمّا ما أورده من حديث الجرح والتعديل وقبول شهادته بعد الموت ، فان أراد المعارضة بنفس قبول الشهادة مع قطع النظر عن إعمال فتواه في الشهادة ، فعلى التقريب الثاني فهو ممّا لا يرتبط بالمقام ، وعلى الأوّل فالفرق بين الشهادة والفتوى هو : أنّ المناط في الشهادة موجود بعد الموت مثل الرواية ، بخلاف الفتوى ، فإنّ الكلام في ذلك.
وإن أراد أنّ قبول شهادته يوجب الاعتماد على قوله في عدد الكبائر وفيما هو مناط التعديل من الملكة وحسن الظاهر إلى غير ذلك من الامور الاجتهاديّة ، ففيه : أنّ التعويل على شهادته في الجرح والتعديل ليس اعتمادا على مذهبه في عدد الكبائر ، بل إنّما هو بواسطة أنّ الألفاظ الواردة في مقام الشهادة تحمل على الواقع من غير ملاحظة مذهب الشاهد. نعم ، لو علم أنّ الجرح إنّما هو بواسطة شيء مبنيّ على مذهبه فعند المخالفة لمذهب المجتهد لا نسلّم وجوب الأخذ بشهادته في الجرح والتعديل.
ثمّ إنّ بعض الأجلّة اعترض على الدليل ـ بعد النقض بمعلوم النسب ـ : أنّ عدم الاعتداد بقوله في تحقّق الإجماع لا يلازم عدم الاعتداد به في مقام التقليد (١).
وفيه : أنّه لا مساس له بكلام المستدلّ على الثاني ، وعلى الأوّل فيمكن ادّعاء الأولويّة أو عدم القول بالفصل ، فتأمل.
__________________
(١) الفصول : ٤٢١.