السادس : ما تمسّك به المحقّق المذكور أيضا (١) : من أنّ المجتهد إذا تغيّر اجتهاده وجب العمل بالآخر ولا يعلم الأخير في الميّت.
وفيه : أنّه إن اريد أنّه لا يمكن العلم بالتقديم والتأخير في الميّت على وجه الإطلاق فهو غير سديد ، ضرورة إمكان العلم بذلك في كثير من الموارد ، كما أنّه إذا علم تأخير تأليف الكتاب الموجود فيه الفتوى ونحوه. وإن اريد أنّه قد لا يمكن ذلك فهو لا ينهض مانعا من التقليد ، فإنّ الحيّ قد لا يمكن العلم بذلك في فتواه أيضا. وطريق الحلّ فيهما واحد ، وهو عند عدم إمكان العلم أو ما يقوم مقامه بالتعيين إمّا أن يكون متمكّنا من الرجوع إلى فتوى لا معارض لها من ذلك المفتي فلا بدّ من الرجوع إليه ، وإلاّ كان مخيّرا بحكم العقل.
ومنه يظهر الجواب عمّا أورده الشهيد الثاني رحمهالله : من أنّ كثيرا من الفتاوى المنقولة من الكتب غير مستند إلى أحد من المجتهدين فلعلّ المفتي بها ليس مجتهدا (٢) ؛ فإنّ انحصار المانع في أمثال هذه الموانع دليل على الجواز على تقدير تسليم وجودها ؛ مع أنّ الظاهر أنّ أحدا من أرباب الكتب المتداولة لا ينسبون القول إلى من ليس مجتهدا.
لا يقال : إنّ تعيين المفتي من الشروط ، لأنّا نقول : لا دليل على ذلك كما يبيّن في محلّه.
ثم إنّهم قد ذكروا وجوها أخر كلّها مزيّفة. والعمدة في المقام هو الوجهان المقدّمان ، وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
__________________
(١) حاشية الشرائع : ٩٩.
(٢) رسائل الشهيد الثاني ١ : ٢٨.