صحيحا فهو باطل. والوجه في ذلك هو ما أشرنا في محلّه ، وحاصله : أنّ التقليد من كيفيّات العمل وأنحائه ، وإنّما يصحّ انتزاعه من العمل فيما إذا كان العمل مطابقا لفتوى المجتهد من دون حاجة إلى سبق العمل ، فالمفروض يكون صحيحا بواسطة صحّة انتزاع التقليد من العمل الأوّل بعد وجود ما هو المعيار والمناط في الصدق المذكور ، فلا محذور ، إذ لم يفسّر به بل فسّر بالأخذ ، كما يراه البعض.
أمّا على الأوّل : فلأنّه يصدق على من يبقى على التقليد أنّه عامل بقوله ولو كان بعد موته ، فلو نهى المولى عبده عن العمل بقول زيد لا نرى فرقا بين العمل بقوله ابتداء في الحياة والممات وبين استدامة العمل بقوله حيّا وميّتا ، وذلك أمر مجزوم به. فدعوى عدم الشمول وضعا أو انصرافا غير مسموعة.
وأمّا على الثاني : فلأنّ الأخذ بقول الغير يصدق مع الاستمرار أيضا ، فإنّ استمرار الأخذ ليس خارجا عن حقيقة الأخذ ، بل هو أخذ ، كما أنّ استمرار الجلوس جلوس ، واستمرار القيام قيام.
وتوضيحه : أنّ الأفعال القابلة للامتداد في الوجود لا وجه للقول بأنّ الآن الثاني من وجوده ليس من حقيقة ذلك الفعل مع عدم ما يقضي بذلك عقلا ولا نقلا ، كما يشهد بذلك استقراء المصادر التي هي حقايق الأفعال.
وأمّا القول بأنّ « الأخذ » من الأفعال الآنيّة التي لا تقبل الامتداد ، فيكفي في بطلانه مراجعة الوجدان ومقايسة الأفعال الممتدّة معه ، فلا يصغى إليه. إلاّ أنّه لم نعثر على اشتمال معاقد الإجماعات على لفظ « التقليد » سوى ما ذكره الشهيد في الرسالة (١) ، على ما تقدّم.
__________________
(١) رسائل الشهيد الثاني ١ : ٤١ ، راجع الصفحة : ٤٥٣.