والأقرب هو الأوّل ، لإطلاق معاقد الإجماعات التي هي العمدة في دليل الاشتراط. وعلى ذلك فيجب إنكار حجّية قول الميّت من هذه الجهة والمصير إلى الأمارات المفيدة للظنّ بعد العجز عن الاحتياط أو فرض الإجماع على عدم وجوبه.
وأقرب الأمارات هي الشهرة لو أمكن تحصيلها كما إذا كان المقلّد من أهل تحصيلها. ثمّ بعد ذلك بالمنقولة منها بواسطة شهادة العدلين أو العدل لو لم يمكن العدلان. ثم الأخذ بأوثق الأموات كالمحقّق والشهيد وأضرابهما من أساطين الفقه. ثمّ الأخذ بمطلق الأموات. ثمّ الأخذ بمطلق الظنّ.
والوجه في ذلك جريان الدليل العقلي القاضي بالعمل بشيء يحتمله موضوع المكلّف على حسب اختلاف مراتب تكليفه ، كما نبّهنا على ذلك فيما تقدّم إجمالا ، وقد سبق تحقيقه في مباحث الظنّ.
فإن قلت : إنّ فرض انسداد باب العلم يوجب الرجوع إلى ما هو مفيد الظنّ بالنسبة إلى المقلّد ، ولعلّه يوافق الشهرة ، فلا وجه للترتيب المفروض.
قلت : إنّ المقلّد بعد اندراجه تحت موضوع الانسداد ، فإمّا أن يستقلّ عقله بالعمل بالظنّ أو لا يستقلّ ، فعلى الأوّل فلا حاجة إلى المسألة عمّا هو العالم ، فإنّه يعمل على حسب ما يستقلّ عقله. وعلى الثاني فلا بدّ من الرجوع إلى غيره. والترتيب المذكور إنّما يفيده بعد الرجوع ، والغير إنّما يلزم عليه الرجوع إلى الأمور المذكورة لكونها الأقرب فالأقرب. لكنّه خلاف الفرض ، إذ المفروض عدم استحقاق الإفتاء للغير ، فتأمّل.
واستدلّ في محكيّ مجمع الفائدة للقول الثاني بلزوم الحرج والضيق ـ المنفيّان عقلا ونقلا ـ والاستصحاب وبتحقّق الحكم وحصوله من الدليل ولم