الأخذ بقول المنذرين ، ونظيره قوله : « من عرف أحكامنا » (١) وقوله : « وأمّا من كان من العلماء صائنا لدينه فللعوام أن يقلّدوه » (٢).
وصنف منها ما يدلّ على وجوب الأخذ بقول كلّ عالم على أيّ وجه اتّفق على وجه العموم البدلي ، مثل قوله : « اعتمدا في دينكما على كلّ مسنّ في حبّنا » (٣) فإنّ مفاده وجوب الرجوع إلى العلماء على وجه يستفاد منه التخيير ، مثل الرواية المنقولة عند الجمهور : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » (٤).
لا ريب في أنّ الاستناد إلى الصنفين الأوّلين ممّا لا يجدي في المقام ، فإنّ المستفاد منها مشروعيّة جواز الرجوع إلى العلماء في أصل الشريعة ، ولا كلام لنا فيه ، إذ لا إشكال في أنّ قول الغير الأعلم حجّة وأنّه يجب الأخذ به في حدّ ذاته عند عدم معارضته بقول الأعلم ، وإنّما الكلام في أنّ من الجائز الأخذ به عند معارضته بقول الأعلم أو لا؟ ولا إشكال في أنّ هذه الواقعة خارجة عن مفاد الدليل المذكور فلا بدّ لها من دليل يوافقها.
وأمّا الصنف الثالث : فيمكن أن يكون دليلا للخصم ، لما عرفت من أنّه يستفاد منه التخيير ، فيمكن الاستناد إليه عند الشكّ في رجحان قول الأعلم على غيره.
إلاّ أنّ الإنصاف : أنّ ذلك لا يجدي أيضا ، والوجه فيه : أنّ مجرّد إمكان الاستفادة لا يجدي في التمسّك بالإطلاق ، بل لا بدّ وأنّ يكون المطلق في مقام بيان الحكم المذكور.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأول.
(٢) الوسائل ١٨ : ٩٥ ، الباب ١٠ ، الحديث ٢٠.
(٣) الوسائل ١٨ : ١١٠ ، الباب ١١ ، الحديث ٤٥.
(٤) معاني الأخبار : ١٥٦ ، وانظر ميزان الاعتدال : ٦٠٧ ، الرقم ٢٢٩٩.