وبالجملة : فلا وجه للاعتماد على هذه الوجوه كما هو ظاهر.
وأمّا الخامس : فهو من غرائب الاستدلال في المقام! إذ المقصود على ما عرفت عند العلم بالاختلاف ، والعلم بمخالفة الإمام مع غيره يوجب العلم ببطلان الغير ومع ذلك لا يجوز التقليد ، مضافا إلى أنّ قياس الإمام بغيره مما يشمئزّ منه أصحاب الإنصاف ، كما هو ظاهر.
وأمّا السادس : فهو مبنيّ على مقدّمات لم يساعد عليها بداهة ولا برهان ، بل قامت الضرورة الدينيّة على خلافه كما أومأنا إلى ذلك مفصّلا. ولو سلّم فالواجب هو الأخذ بالأعلم أيضا ، لما ستعرف في أدلّة المانعين.
وقد يستدلّ أيضا : بأنّ إهمال الغير الأعلم عند معارضته بالأعلم يوجب الحكم بمساواته بغير العالم أصلا. وقد قال تبارك وتعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )(١).
وفيه : أنّ مساواة الأعلم وغيره أيضا يوجب الحكم بمساواة العالم وغيره. مع أنّ التمسّك بالآية في أمثال المقام ممّا لا وجه له أصلا كما لا يخفى ، إذ نفي المساواة من جميع الجهات ممّا لا سبيل إليه ولا ظاهر في البين يجدي في المقام ، فيكفي في نفي المساواة الاختلاف في بعض الجهات ، ولم يثبت كون المقام منها ، فتدبّر.
__________________
(١) الزمر : ٩.