من الأصحاب ، كيف! ولا نرى منهم الاختلاف مع وجود ذلك فيما هو أهون من المقام ، كما لا يخفى على من تتبّع فتاويهم.
ولا وجه للوسوسة بعدم حجّية الإجماع المنقول في المقام كما عرفت ، والتعليل الفاسد في كلام المجمعين ليس بضائر بعد الاتّفاق الكاشف مع ما تعرف من صحّة التعليل أيضا.
الثاني : الأخبار الدالّة على ترجيح الأعلم على غيره.
منها : مقبولة عمر بن حنظلة حيث قال فيها : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر » (١).
ومنها : رواية الصدوق عن داود بن الحصين عن الصادق عليهالسلام : « في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما خلاف ، واختلف العدلان بينهما عن قول أيّهما يمضي الحكم؟ قال عليهالسلام : ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا » (٢).
ومنها : قول أمير المؤمنين عليهالسلام المنقول في نهج البلاغة : « اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك » (٣) والتقريب في الكلّ ظاهر ، فإنّ الإمام قدّم قول الأفقه والأعلم على غيره عند العلم بالمعارضة والمخالفة ، وهو المطلوب.
لا يقال : إنّ ظاهر المقبولة هو اختصاصها بالقضاء كما هو المصرّح به في صدرها ، حيث سأل الراوي عن رجلين بينهما منازعة في دين أو ميراث ، فلا يستقيم الاستدلال بهما في الفتوى.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٢) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ ، الحديث ٢٠.
(٣) نهج البلاغة : ٤٣٤ ، الكتاب ٥٣ من رسائله عليهالسلام.