المنقطع بالسيرة المستمرّة على ما مرّ الوجه فيها ، فيجوز الأخذ بفتوى المفضول مع العلم بالتفاضل ؛ مضافا إلى أصالة عدم المعارض الغير المعارضة بأصالة عدم غيره ، إذ لا يترتّب عليها حكم مع جواز الرجوع إلى بعض الإطلاقات عند القائلين بدلالتها ، فتدبّر.
وإذا علم الاختلاف واحتمل الفاضل فهل يجب الفحص أو لا؟ وجهان ، بل لعلّه قولان ، يدلّ على عدم الوجوب أمران :
أحدهما : أنّهما أمارتان تعارضتا لا يمكن الجمع بينهما ولا طرحهما ولا تعيين أحدهما ، فلا بدّ من التخيير بينهما.
وفيه : أنّ احتمال التعيين موجود ولا يندفع بأصالة عدم التفاضل ؛ لأنّها بعد كونها أخذا بالأصل في تعيين الحادث لا يتمّ ، حيث إنّ التخيير العقلي عدمه من اللوازم العقليّة لوجود الاحتمال ، والأصل لا يجدي في رفع الاحتمال حقيقة.
وثانيهما : أصالة البراءة عن وجوب الفحص.
وفيه : أنّ وجوب الفحص في المقام بمنزلة الفحص عن نفس المرجع في الأحكام الشرعية. ويدلّ على الوجوب أمور :
منها : الأصل ، حيث إنّ قبل الفحص لا يعلم البراءة ، بخلافه بعد الفحص ، فالواجب هو الفحص.
ومنها : قوله في رواية داود بن الحصين « تنظر إلى أفقههما » (١) فإنّه في قوله : « تنظر » دلالة واضحة على وجوب الفحص ؛ مضافا إلى كونه معمولا به في جميع الطرق المتعارضة. ولعلّ وجوب الفحص موافق للقاعدة أيضا ، فإنّ التكليف معلوم إجمالا وإنّما الشكّ في كونه على وجه التعيين على تقدير التفاضل ، أو على
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠ ، وفيه ينظر.