والتحقيق : أنّه إن قلنا بجواز العدول فلا إشكال في وجوب الرجوع ، لوجود المقتضي ـ وهو التفاضل ـ وعدم المانع ، إذ لا مانع إلاّ احتمال حرمة العدول ، والمفروض جوازه فيجري فيه الأدلّة السابقة. وإن قلنا بحرمة العدول ـ كما لعلّه الأوفق ؛ لأنّه مقتضى الأخذ بالأصل ـ فيشكل الأمر ، نظرا إلى تعارض ما هو العمدة في المقامين : من الأصل والإجماعات المنقولة وعدم انصراف الأخبار إلى مثل المقام المسبوق بالتقليد ، فيحكم بالتخيير بينهما. إلاّ أنّه مع ذلك فالأقوى الرجوع إلى الأعلم ، والوجه أمران :
الأوّل : أنّ العمدة في دليل حرمة الرجوع هو الأصل المتعاضد بنقل الإجماع من العلاّمة (١) والعميدي (٢). ولم يظهر عموم مقالتهم للمقام ، حتّى أنّ بعض مدّعي الإجماع هناك قد اختار الرجوع في المقام ، كالعميدي (٣).
فالأظهر : أنّ الاجماعات المنقولة في وجوب تقليد الأعلم تشمل المقام من دون معارض ، فإنّ المعتمد من الإجماعات في العدول هو إجماع العلاّمة والعميدي وقد اختارا القول بالعدول في المقام. مع إمكان دعوى انعقادها فيما لو أريد العدول في الواقعة الّتي قلّد فيها ، مثل ما إذا عمل بقول المفتي في جواز البيع بالفارسيّة ثمّ باع على الوجه المذكور ، فإنّه يحرم عليه العدول عن التقليد الخاصّ وإن جاز له العدول في مبيع آخر. وأمّا إجماع العضدي والحاجبي (٤) فعلى تقدير عمومه ممّا لا يزيح علّة. ومن هنا ينقدح جريان الأصل في المقام ، لأنّ احتمال حرمة البقاء أقوى من احتمال حرمة العدول.
__________________
(١) نهاية الوصول : ٤٤٧.
(٢) منية اللبيب : ٣٦٩ ـ ٣٧٠.
(٣) منية اللبيب : ٣٧٠.
(٤) المختصر وشرحه : ٤٨٥.