بالرجوع إلى الكتب والتصانيف الباقية ، كما في الوافية (١) وتبعه غيره (٢) ؛ لأنّ الكتب والتصانيف كثيرا ما تقصر عن كشف مقدار فضيلة (٣) ، ونحن قد رأينا فضل المصنّف على مصنّفه في زماننا وبالعكس.
وقد يستدل بالإجماع المزبور على المدّعى بعكس طريقة الاستدلال المذكور ، وهو : أنّ تربية الزمان مثل بعض الأموات الأعلام ، كالشيخ والمرتضى والعلاّمة والشهيد والكركي وأمثالهم من أجلاّء أهل التحقيق وكشف دقائق الفقه ودرك خفيّاته في كلّ عصر نادر ، بل معدوم ، فلو جاز تقليد الميّت وجب الاقتصار على فتاويهم ، وينسدّ باب الفتوى بين الأحياء له كما في ما بين العامة ، وهذا ممّا يمكن بالحدس الصائب القطع بعدم رضا صاحب الشريعة به ، وربما يكون في استقرار طريقة الخاصة على الاجتهاد دلالة واضحة على عدم الاعتداد بقول الميّت كائنا من كان ، فإنّ هذا ليس من مجرّد فضيلة الاجتهاد من دون مساس حاجة إليه.
ومنها : أنّ العمل بالفتوى المتأخّرة عند تعدّدها واختلافها واجب بالإجماع ، ولا يتميّز في الميّت فتواه الأول عن الأخيرة.
وهذا الدليل أيضا منقول (٤) عن المحقّق ، وأجاب عنه صاحب الوافية (٥) :
__________________
(١) الوافية : ٣٠٢.
(٢) انظر مفاتيح الأصول : ٦٢٢ ، كذا والعبارة ناقصة ، ولعل سقط منها كلمة « مندفعة » ونحوها ، ليقع ما بعدها تعليلا له.
(٣) كذا ، والمناسب : الفضيلة.
(٤) نقله السيّد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٦٢٢ ، وانظر حاشية الشرائع ( مخطوط ) : ٩٩.
(٥) الوافية : ٣٠٢.