ومن هنا ظهر : أنّ الاعتراض الثاني ليس من آداب المناظرة ؛ لأنّ مطالبة الدليل من المنكر مع عدم إقامة الحجّة على الإثبات خروج عن قاعدة الاعتراض.
نعم ، يمكن أن يناقش على (١) الدليل المزبور : بأنّ تماميّته تتوقّف حينئذ على إعمال الأصل في المسألة ، فلا يكون استدلالا مع الإغماض عنه ، كما هو الشأن في كلّ مقام يجمع فيه بين الاستدلال بالأصل والدليل.
ومنها (٢) : ما ذكره المحقّق (٣) والشهيد (٤) الثانيان : من أنّه لو جاز العمل بفتوى الفقيه بعد موته لامتنع في زماننا الإجماع على وجوب تقليد الأعلم والأورع من المجتهدين ، والوقوف بالنسبة إلى الأعصار الماضية في هذا العصر غير ممكن.
وهذا الدليل بعين عباراته نقل (٥) أيضا عن المحقّق المزبور ، والظاهر بل المتعيّن : أنّ الفقير المضطر امتنع أن يرجع إلى العمل بفتوى الميّت دون مطلق التقليد.
ووجه الملازمة على فرض واقعيّة الإجماع الذي ادعاه واضح ؛ لأنّ تقليد الميّت مشروط بأعلميّته ، ولا سبيل للمكلّف إلى العلم.
وأمّا المناقشة في ذلك : بإمكان تحصيل العلم بالأعلميّة والأورعيّة
__________________
(١) كذا والظاهر زيادته.
(٢) أي من أدلّة منع جواز تقليد الميت.
(٣) حاشية الشرائع ( مخطوط ) : ٩٩.
(٤) انظر رسائل الشهيد الثاني ١ : ٤٠ ـ ٤١.
(٥) نقله في الوافية : ٣٠١ ، ومناهج الاصول : ٦٢١.