واعتقده باجتهاده حراما يتوقّف على بقاء الظن ؛ لأنّه بمنزلة تعفّن الأخلاط في قولنا : هذا مظنون الحرمة ، وكلّ مظنون الحرمة حرام.
لا يقال : لا كلام في أنّ الحجّة عبارة عن الوسط الذي يستلزم المطلوب وجودا وعدما ، وإنّما الكلام في أنّ ذلك الوسط ما ذا؟ وأنت تدّعي : أنّه الظنّ المستمرّ إلى آن الحكم ، ونحن نقول : إنّه تعلّق الظنّ بالحكم في الجملة ، ونقول فيما إذا زال الظنّ بعد أن كان موجودا : إنّ هذا ممّا تعلّق بحرمته ظنّ المجتهد قبل ، وكلّ ما كان كذلك فهو حرام. والصغرى معلومة والكبرى يستدلّ عليها بما يستدلّ به على كبرى دليلك ، أعني : كلّ ما هو مظنون الحرمة بالظنّ الفعلي فهو حرام ؛ إذ لا فرق بين قولنا وقولك إلاّ أنّك تدّعي : أن ظنّ المجتهد وإخبار العدل مثلا علّة لحدوث حكم الله الثانوي وبقائه ، فيرتفع بارتفاعه ، ونحن ندّعي : أنّه علّة للحدوث خاصّة ، وأمّا البقاء ، فلا يكفي أصل حدوث الظنّ آناً ما في بقاء الحكم الثانوي ، فإن طالبتني بدليل لأطالبنّك به ، فقولك : إنّ الحكم بعد زوال الظنّ بالموت يبقى خاليا عن السند ، مصادرة واضحة كما قاله المعترض.
لأنّا نقول : دليلنا على كبرى قياسنا ـ يعني على بقاء اشتراط الظن مثلا في بقاء الحكم الثاني ـ عدم الدليل على أزيد من ذلك ، كما ستعرف في قدح مدارك التقليد ؛ لأنّك قد عرفت : أنّ الظنّ بالحرمة مثلا غير مستلزم لها في ذاته ، والقدر الثابت من الملازمة الشرعيّة التي دعتنا إلى الاستدلال بها على الحكم الثانوي إنّما هي بينه وبين الظنّ بالحكم الأوّلي فعلا ، ومن ادّعى ثبوتها بينه وبين الظنّ بحكم الله الواقعي الأوّلي في أحد الأزمنة فهو مطالب بالدليل ؛ لأنّ كلامنا مبنيّ على الأخذ بالقدر المتيقّن فيما هو مخالف للأصل.