لا يقال : إذا كان موضوع الحكم هو الظنّ القائم بنفس الحي ، فالأمر كما تقول : من انتفاء موضوع الحكم بالموت ، لكنّه ليس ممّا دلّ عليه قاطع (١) سوى الأصل ، ومن المحتمل أن يكون الموضوع مطلق الظنّ إذا قلنا ببقائه بعد الموت أو بمجرّد القول ، فيبقى الموضوع. والمانع عن جريان الاستصحاب إنّما هو القطع بزواله ، فلا مانع من جريانه عند الشكّ في البقاء ، فإنّ الاستصحاب يحكم بوجوده ، وقد أشار صاحب الوافية (٢) إلى هذا الكلام في جواب المير (٣) ، حيث منع من استصحاب جواز التقليد باعتبار انتفاء الموضوع.
لأنّا نقول :
أوّلا : أنّ الدليل على أنّ التقليد عبارة عن التعبّد بقول الحي موجود ، وهو ظاهر كلّ ما جعلوه دليلا على مشروعيّة التقليد من الكتاب والسنّة ؛ فإنّ الظاهر منها حجيّة قول الحي ؛ ولذا تمسّك بعض (٤) بآية السؤال على عدم جواز تقليد الميت.
وثانيا : نقول : إنّه قد ثبت في محلّه أنّه إذا شكّ في موضوع الحكم ولم يظهر من دليله ما يدور الحكم مداره امتنع استصحاب ذلك الحكم عند زوال ما يتحمّل كونه موضوعا أو اعتباره في الموضوع. والسرّ في ذلك : أنّه متى حصل الشكّ في موضوع الحكم لم يعلم كون الحكم السابق الذي يراد استصحابه ما ذا ، والاستصحاب عبارة عن انسحاب اليقين السابق ، أي ما تيقّن به سابقا إلى زمان
__________________
(١) كذا ، ولعله : « دليل قاطع ».
(٢) الوافية : ٣٠٢.
(٣) أي : الداماد ، انظر الوافية : ٣٠٢.
(٤) استدلّ به النراقي في مناهج الأحكام : ٣٠١.