ظنّه ، كذلك مدار عمل المقلّد على ظنّ مجتهده ؛ إذ لا فرق بينهما في التعبّد بذلك الحكم الظاهري القطعي الذي موضوعه الظنّ إلاّ أنّ المقلّد يجب عليه الرجوع إلى المجتهد لمعرفة موضوع ذلك الحكم.
فإن قيل :
لا نسلّم أوّلا : أنّ المقلّد متعبّد بظنّ المجتهد ، وأنّ موضوع حكمه الثانوي إنّما هو الظنّ ، بل هو متعبّد بقوله وفتواه أعني : إخباره عن حكم الله ، فيكون موضوع ذلك الحكم الثانوي هو قول المجتهد ، وهو لا يتغيّر ولا يتبدّل بموت القائل كالرواية. نعم ، إذا فرض رجوع المجتهد عن قوله كان الموضوع منتفيا.
وثانيا : على فرض كونه متعبّدا بظنّه ، لا نسلّم زوال الظنّ بعد الموت لإمكان بقائه ، بأن لا ينكشف له حقيقة الحال.
وانكشف وظهر جوابه ، قلنا : التعبّد بظنّ المجتهد أو بقوله كلاهما مخالفان للأصل محتاجان إلى الدليل ، وقد ذكرنا غير مرّة : أنّ التعبّد بالظنّ ممّا لا كلام فيه ولا إشكال ، فيكون ثابتا من باب التعبّد المتيقّن. وأمّا التعبّد بمجرّد القول والإخبار عن حكم الله ولو مع زوال الظنّ ، فلم يقم عليه دليل معتبر ؛ لأنّ أدلّة مشروعيّة التقليد غير وافية بذلك كما ستعرف.
وأمّا ما ذكرت من إمكان بقاء الظنّ فنحن لا نتحاشى من ذلك ، ولكن نقول : إنّ المقلّد متعبّد بظنّ المجتهد الحي دون الميّت ، ومن ادّعى أكثر من ذلك طولب بالدليل ، وأنّى له بذلك بعد عدم قيام دليل معتبر على مشروعيّة أصل التقليد سوى الإجماع والسيرة والضرورة التي لا يحصل منها أمر يرتفع منه الاشتباه.