والثاني : استدلال الإمام عليهالسلام بهذه الرواية على وجوب نقل الأخبار في بعض الروايات :
منها : ما عن فضل بن شاذان في علله عن الرضا عليهالسلام (١) في حديث قال : « إنّما امروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج عن كلّ ما اقترف العبد ـ إلى أن قال ـ : ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الأئمة على (٢) كلّ صقع وناحية ، كما قال الله تعالى عزّ وجل : ( ... فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ... ) » ونحوها غيرها ، فإنّ المستفاد من التعليل المزبور انحصار المراد بالتفقّه في تحمّل الأخبار ونقلها ، فلا يرد : أنّه على تقدير كون المراد به ما يشمل الفتوى تمّ الاستدلال أيضا.
وثالثا : لو سلّمنا كون المراد بالتفقّه ما يشمل الاجتهاد ، أنّ القدر المستفاد منها هو وجوب الحذر عند العلم بصدق المنذر ، وذلك لأنّ التفقّه عبارة عن معرفة الامور الواقعيّة ، وحيث لا يعلم أنّ الإنذار هل وقع في محلّه بمطابقة الامور الواقعيّة أم لا؟ لم يتحقّق موضوع الإنذار حتى يجب الحذر والقبول ، فانحصر وجوب الحذر فيما إذا علم المنذر صدق المنذر في إنذاره بالأحكام الواقعيّة. فإنّ قلت : لا نسلّم توقّف صدق الإنذار على علم المنذر واعتقاده بمطابقة الواقع ، فإنّ الإنذار نوع من الإخبار ، ومن الواضح أنّه لا يتوقّف على اعتقاد السامع بصدق الخبر ، فإطلاق قوله : ( لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) يقتضي وجوب الحذر عقيب الإنذار في صورتي العلم وعدمه.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١١٩ ، والوسائل ٨ : ٧ ، الباب الأوّل من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ، الحديث ١٥.
(٢) كذا ، والمناسب : إلى ، كما في الوسائل.