الشرعيّة من هذا القبيل ، فعلى المستدلّ إثبات هذه المقدّمة. وقد عرفت أنّ الفاضل النراقي لم يكتف بالمنع المذكور ، بل ادّعى أن الأسباب الشرعيّة ليست بأسباب حقيقيّة ، وإنّما هي معرّفات (١).
ويؤيّد الدعوى المذكورة : توارد الأسباب الشرعيّة على مسبّب واحد مع امتناعه في غيرها ، كما في توارد النوم والبول على وضوء واحد.
أقول : إنّ بعد ما فرغنا من أنّ الظاهر من الجملة الشرطيّة هو سببيّة الشرط للجزاء وتسالم عليه المانع المذكور لا وجه للمنع المذكور ، لرجوعه إلى مقدّمة ثابتة ؛ على أنّ الكلام لا يختصّ بالجملة الشرطيّة بل تجري فيما إذا ثبت السببيّة بالتصريح بها ، بل وفيما إذا قام عليها الإجماع ، كما عرفت.
لا يقال : حيث إنّه قد ثبت في بعض الموارد معرفيّة الأسباب فيقوم احتمالها ويرجّح على احتمال المؤثريّة ؛ نظرا إلى موافقته لأصالة عدم تعدّد الأثر.
لأنّا نقول : لا عبرة بالأصل في قبال الدليل الظاهر في التعدّد. وأمّا الدعوى المذكورة فيكفي في دفعها عدم دلالة دليل من العقل والنقل عليها ، وبعد ما عرفت من الظهور يتمّ التقريب.
ولا دلالة في توارد الأسباب على المعرّفيّة.
أمّا أوّلا : فبالنقض بالأسباب العقليّة والعاديّة ، فإنّها أيضا قد تجتمع على أمر واحد.
وأمّا ثانيا : فبالحلّ ، وهو القول بأنّ القدر المشترك هاهنا سبب ، ولا غائلة فيه كما قدّمنا.
وأمّا مسألة الأحداث فلا تدلّ على مطلوبهم.
__________________
(١) راجع الصفحة : ٥٣.