أمّا أوّلا : فلأنّ المقصود بالوضوء ـ كما علم ذلك بالدليل ـ ليس إلاّ رفع الحدث ، وهي الحالة المانعة عن الدخول فيما هو مشروط بعدمها ، ولا شكّ أنّها بعد ارتفاعها بوضوء واحد لا يقبل المحلّ لوضوء آخر يقصد به رفع تلك الحالة ، فيكون ذلك من قبيل ما لا يقبل التكرار ، الخارج عن المتنازع فيه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ إثبات المعرّفية في الوضوء لا يجدي في إثباتها في غيره إلاّ على وجه القياس ولا نقول به. سلّمنا أنّ الأسباب الشرعيّة معرّفات ، لكن ذلك يلازم تعدّد الأثر ؛ لامتناع توارد المعرّفات على معرّف واحد ، فتعدّد المعرّف كاشف عن تعدّد المعرّف. ولا ينافي ذلك عدم دلالة تعدّد اللوازم على تعدّد الملزومات ، حيث إنّ ذلك إنّما يكون فيما إذا لم يقصد بها الاستكشاف.
فإن قلت : نعم ، ولكنّه معرّف شأني. قلنا : ظاهر الدليل فعليّة المعرفيّة.
ومنه يظهر فساد ما أفاده في التعليقة : من أنّ السببيّة الشرعيّة لا تنافي عدم فعليّة التأثير ، لصدق السببيّة الشرعيّة مع شأنيّة التأثير قطعا ، كما في مسألة الأحداث (١). وجه الفساد : أنّه إن اريد بذلك الفرق بين الأسباب العاديّة والشرعيّة لعدم منافاتها للفعليّة في الثاني دون الأوّل ، فهو كلام خال عن التحصيل ، إذ لا يعقل الفرق بينهما. وإن اريد به منع ظهور دليل السببيّة في الفعليّة فقد يظهر فساده بالرجوع إلى العرف. فكيف كان ، فلا نعرف وجها للدعوى المذكورة عدا ما عرفت من مسألة تعاقب الأحداث وأشباهها ممّا لا دلالة فيها عليها.
نعم ، يظهر من بعض الأجلّة الاستناد إلى وجه آخر في الدعوى المذكورة ، حيث قال ـ في دفع ما استشكل على القول بحجيّة المنصوص العلّة من أنّه ينافي القول بأنّ « علل الشرع معرّفات » ـ : إنّ علل الشرع على ضربين ، الأوّل : العلل
__________________
(١) هداية المسترشدين ١ : ٧١٢.