يجب على المقلّد والمجتهد على حدّ سواء ، فلا يقاس بهم غيرهم من المفتين الذين يفتون بغير سماع عن المعصوم.
ومن هنا يظهر أنّ ما ورد في حق عمري مثلا : من « أنّ قوله قولي وكتابه كتابي » (١) وأمثال ذلك في حقّ أمثاله لا يفيد حجّية الفتوى من كلّ من يفتي باجتهاده. كما يظهر : أنّ أمر أبان بالإفتاء بين الناس لا يقتضي جواز تقليد غير الوسائط ، ومن هذا الباب ما قيل (٢) في حقّ علي بن بابويه : من أنّ الأصحاب كانوا يعملون بفتاويه عند إعواز النصوص.
ومع تسليم جميع ما ذكر منه لا دلالة فيها على جواز تقليد الميّت ابتداء كما لا يخفى.
وأمّا الأخبار العامة ، فيرد على أخبار الحكومة ـ بعد تسليم دلالتها على حجّية الفتوى ـ : أنّها بالدلالة على عكس المقصود ، أعني عدم جواز تقليد الميّت أولى ؛ لأنّ الحكومة لمّا كانت من المناصب الزائلة بالموت فتشاركه الفتوى في المنصبية والارتفاع بما يوجب ارتفاعها ، وعلى ما في التوقيع من قوله : « والحوادث الواقعة فارجعوا فيها ... الخ » إنّ الاستدلال به موقوف على كون المراد بالحوادث الواقعة مواضع التقليد من المسائل العمليّة ، وهذا غير معلوم ؛ لأنّ « اللام » في الحوادث « لام » عهد ، إشارة إلى الحوادث التي سأل عن حكمها إسحاق ، وسؤاله ليس بيدنا حتّى ننظر في المراد بها. ومن هنا ينقدح امتناع حمل « اللام » على الاستغراق الموقوف عليه تماميّة الاستدلال ؛ لأنّ عموميّة الجواب وخصوصيّته تابعان لعموم السؤال وخصوصيّته ، فإذا جهلنا عبارة السؤال ولم نعلم
__________________
(١) كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥.
(٢) قاله الشهيد السعيد في الذكرى ١ : ٥١.