الرجوع إلى الرواة والموثّقين هو الوصول إلى الواقع ، لا تحصيل موضوع حكم ثانويّ تعبديّ ، أعني : قول المفتي من حيث نفسه وكذا يؤكّد مورد رواية الاحتجاج (١) المصرّحة بجواز تقليد الفقهاء التي هي أوضح الأخبار وأصرحها دلالة بما هو من أصول الدين ، أعني : أمر النبوّة ، مع اتفاق الأصحاب على عدم جواز التقليد فيها.
ومع التنزّل عن جميع ذلك نجيب عن الأخبار الخاصة : بأنّ أمر الإمام عليهالسلام بالأخذ من زرارة وأبان وإسحاق ويونس وزكريّا والعميري ونحوهم ممّن أدركوا شرافة حضوره عليهالسلام وأخذوا معالم الدين عنه بالسماع والشفاهة لا يدلّ على جواز الأخذ بقول كلّ من يفتى باجتهاده تعبّدا ؛ لأنّهم كانوا وسائط بين الإمام وبين سائر الخلق ، مثل وسائط عصرنا بين المجتهدين والمقلّدين من العدول والموثّقين. والأخذ من الواسطة ليس من التقليد له في شيء. نعم ربما يفتي الواسطة باجتهاده مثل قول الشيخ أبي القاسم بن روح الجليل حين سأله (٢) عن كتب الشلمغاني : « أقول فيها ما قاله العسكري عليهالسلام في كتب ابن (٣) فضّال ، حيث قالوا : ما نصنع بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ فقال : خذوا ما رووا وذروا ما رأوا » (٤). لكن اجتهاد مثل هذه الأشخاص مستند إلى السماع عن الإمام عليهالسلام عموما أو خصوصا قطعا ، فالعمل باجتهادهم ورواياتهم في مرتبة واحدة
__________________
(١) مرّ في الصفحة : ٦٠٧.
(٢) كذا ، والمناسب : سئل.
(٣) كذا ، والصحيح : بني.
(٤) انظر البحار ٢ : ٢٥٢ ، الحديث ٧٢ ، والوسائل ١٨ : ١٠٣ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٣.