فانّ هذا الكلام في غاية الصراحة في دخول الاستمراري تحت النزاع كالابتدائي.
وكيف كان ، فالحقّ الذي لا ينبغي الارتياب فيه هو القول المشهور من عدم الجواز مطلقا.
لنا على ذلك أمران :
الأصل المقرّر فيما تقدّم بوجوه ثلاثة.
وإطلاق الإجماعات المزبورة الشاهد على صدقها التتبع في كتب السلف والخلف على ما سنبيّن من فساد توهّم عدم تناولها للاستمراري ، مضافا إلى بعض الوجوه المتقدمة : مثل انعقاد الإجماع على خلاف الميّت دون الحي ، ومثل دوران حجيّة قول المفتي مدار ظنّه الزائل بالموت على ما اتّضح هناك وغيرهما ، كما يظهر بالتأمّل ؛ فإنّ هذه الوجوه على فرض تماميّتها شاملة لمحلّ البحث بل لو سلّم عدم تماميّتها في نفسها فهي ما تشهد باندراج محلّ البحث تحت قول المانعين ؛ لأنّ عموم الحجيّة وإطلاقها دليل على عموم المحجوج له.
وللقول بالجواز أيضا وجوه :
منها : الاستصحاب ، وقد يقرّر تارة بالنسبة إلى نفس المسألة التي نحن فيها ، ويقال : إنّ المقلّد كان له تقليد مجتهده حال حياته ، وارتفاع هذا الحكم بموته غير معلوم ، والأصل يقتضي البقاء.
أو يقال : إنّ المجتهد كان ممّن يجوز الاعتماد على قوله ، والأصل البقاء إلى القطع بطروّ المزيل.
وهذان الاستصحابان قد ظهر جوابهما فيما تقدّم (١) بما لا مزيد عليه : من أنّ
__________________
(١) راجع الصفحة : ٥٨٧.