ثانيا ، أو إلى ما عداها خاصّة من تلك المسائل الفرعيّة وقضيّة البقاء فيها خاصّة دون المسألة الأصوليّة ، إشكال ، من حيث امتناع رجوع الأمر بالبقاء إليهما معا ؛ للتناقض وعدم وجود ما يرجّح أحدهما على الآخر ، لكنّ الذي يقوى في النظر ويقتضيه البداهة بعد التأمل إرجاع الأمر بالبقاء إلى خصوص المسائل الفرعيّة ، حذرا من لزوم تخصيص الأكثر اللازم على تقدير رجوعه إلى خصوص مسألة البقاء والحدوث ، فإذا قيل : إنّ الأمر بالبقاء يرجع إلى ما قلّده فيه في هذه المسألة الأصولية ـ وهو العدول ـ لزم اختصاص إطلاق الأمر بالبقاء بمسألة واحدة وخروج بقيّة المسائل عن تحته ، واستهجان هذا القسم من التخصيص واضح ؛ لأنّ العام إذا كان بينه وبين بعض أفراده مضادّة ومناقضة ، فمن دخوله تحته يلزم اجتماع النقيضين. مثلا إذا دلّ الدليل على أنّ كلّ خبر عدل حجّة ، فدلّ بعض الأخبار على عدم حجّية الأخبار ، فمن دخول هذا الخبر تحت عموم ذلك الدليل يلزم أن يكون هذا الخبر حجّة ولا حجّة.
أمّا الأوّل : فمن جهة كونه مشمولا للدليل الدالّ على حجّية الخبر.
وأمّا الثاني : فمن جهة كونه نافيا لحجّيته مطلقا التي هي من جزئيّاتها ، فهو حجّة من حيث كونه خبرا ، وغير حجّة من هذه الحيثية أيضا. فلا بدّ من إخراج هذا الخبر عن تحت ذلك الدليل فتأمّل جيّدا.
وأيضا لا خفاء في أنّ مراد من يأمر بالبقاء ، هو البقاء على كيفيّات ما صدر عنه من الأعمال ، لا البقاء على ما يلزم منه تغيير تلك الكيفيات.
ومن هذا الباب ما يجاب به عن الإشكال في دلالة الآية على حجّية الأخبار : بأنّه يلزم من حجّيتها عدم الحجّية ؛ لصدق النبأ على دعوى الإجماع الذي ادّعي على عدم حجّيتها ، كما عن السيّد (١).
__________________
(١) انظر رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٤ و ٣ : ٢٠٩.