بالتساوي ، فإذا قام احتمال الترجيح في أحدهما وقف عنده فلا يحكم بالتخيير ؛ لأنّه طريق للقطع بالبراءة عن التكليف الظاهري ؛ نظرا إلى عدم منافاة الأخذ به التخيير (١) ، ولا يجوز له البناء على البراءة كما بيّنا سرّه. ولعلّ هذا هو الوجه في اتّفاق ظاهر الأصحاب على أنّ الأصل الأوّلي هنا يقتضي الأخذ بقول الأفضل مع أنّ جماعة من المحقّقين ذهبوا في مسألة دوران الأمر بين الإطلاق والتقييد ، أو التخيير والتعيين إلى الإطلاق والتخيير. فهذا من الشواهد الواضحة على خروج ما نحن فيه ـ أعني وجوب تقليد الأعلم وجوازه ـ عن تحت المقامين ، فإنّ قضيّة الاندراج تحتهما حكمهم بأنّ قضيّة الأصل هنا الجواز كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر ما في كلام الفاضل القمّي رحمهالله المتقدّم إليه الإشارة (٢) : من أنّ الاشتغال لم يثبت إلاّ بالقدر المشترك ، أو الوجود في ضمن الأدون ؛ ضرورة انتفاء القدر المشترك هنا بحيث يكون جعله موضوعا للحجيّة نظير انتفائه في دوران الأمر.
ولعلّ نظره في هذا الكلام إلى إرجاع التقليد إلى أمر تعبّدي غير مربوط الحجّية (٣) والطريقية ، كمتابعة قول العالم من حيث هو من حيث كونه طريقا إلى الواقع ، فزعم أنّ التقليد حينئذ واجب من الواجبات التعبديّة المحضة مثل إكرام العالم والإعانة عليه (٤) ، وأنّ الشك في وجوب متابعة الفاضل عينا أو مخيّرا بينه وبين المفضول مثل الشك في وجوب عتق المؤمنة عينا أو مخيّرا بينها وبين الكافرة.
__________________
(١) كذا ، والأنسب : للتخيير.
(٢) تقدّم في الصفحة : ٦٤٣.
(٣) كذا ، والمناسب : بالحجيّة.
(٤) كذا ، والمناسب : وإعانته ، ولعلّ المراد : والإعانة على إكرامه.