وأمّا العقل ، فلأنّ العقل لا يذهب إلى جواز الأخذ بالمرجوح مع وجود الراجح الظنّي في التخييرات التي تستند إلى حكمها لأجل التخيير ، خصوصا فيما كان الشكّ في ارتفاع التكليف الثابت بالأصل والعمومات ، أعني حرمة العمل بقول الغير وما قرع سمعك من أنّ المرجحيّة كالحجّية محتاجة إلى الدليل فإنّما هو في التخيير الشرعي الثابت بالدليل ، وستعرف أنّ مثل هذا الدليل موقوف في المقام.
وبالإحاطة بما ذكر تقدر إبطال كلّ أصل يتمسّك به في المقام على حجّية المفضول.
ومنها ـ أي من أدلة المثبتين ـ : إطلاقات الكتاب والسنّة الواردتين في مشروعيّة التقليد ؛ بناء على دلالتها عليها ، مثل آية السؤال ، وآية النفر ، وآية الكتمان. فإنّ « أهل العلم » (١) عام يتناول الفاضل والمفضول ، فالأمر بالسؤال منهم يدلّ على وجوب قبول كلّ واحد على حدّ سواء خصوصا بعد ملاحظة غلبة تفاوت مراتب العلم وندرة مساواة أهله فيه وشيوع الاختلاف بينهم ؛ فإنّ الأمر بالرجوع إلى الطائفة المختلفين في الآراء والعلم دليلا (٢) آخر على اشتراك الجمع في مصلحة الرجوع. وهكذا آية النفر ؛ فإن إيجاب الحذر عقيب الإنذار المتفقين من دون ما يدلّ على اختصاصه بإنذار الأفقه مع جريان العادة بتفاوت مراتبهم يفيد حجّية إنذار كلّ منذر سواء كان أفضل أو مفضولا ، وهكذا الكلام [ بالنسبة ](٣) إلى سائر ما سمعت في تقليد الميّت من الأخبار ، كرواية الاحتجاج ، والتوقيع
__________________
(١) لعلّ المراد : أهل الذكر.
(٢) كذا ، والصحيح : دليل.
(٣) اقتضاها السياق.