المتعارضة. وإلى هذا أشار في القوانين حيث قال بعد منع الصغرى : ودعوى كون المدار على ظنّ المقلّد الحاصل من أيّ شيء وإن أرادوا أنّ ذلك ـ مشير (١) إلى التقليد ـ حكم آخر ينوب مناب الحكم الواقعي تجوّز العمل بالظنّ وإن لم يحصل الظن بالحكم الواقعي كالتقيّة النائية عن مرّ الحق ، فلا دليل على وجوب الترجيح ؛ فإنّ الذي ثبت من الدليل : أنّه إذا لم يكن للمقلّد العلم بحكم الله الواقعي يجوز العمل بظن كلّ من تمكّن من استنباط الحكم من هذه الأدلّة ، وأمّا إن ظنّ هذا الشخص هل هو كاشف عن الواقع أم لا فلا يحتاج إليه على هذا الفرض ، وحينئذ فلا دليل على اعتبار الأقوى ، بل لا معنى لاعتبار الأقوى والأقرب والأرجح ؛ لأنّ قولنا : « حكم الله الظاهري هو ما كان أرجح » لا بدّ له من متعلّق ومن بيان أرجحيّته في أيّ شيء (٢) ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وجوابهم : ثبوت الواسطة بين ما زعموه من الظنّ الشخصي والتعبّد المحض ؛ لأنّ حجّية الأمارات تارة تناط بحصول الظنّ الشخصي واخرى بحصول الظنّ النوعي.
وأيضا أنّ كلّ الأمارات الشرعيّة أو جلّها حجّيتها إنّما هي من أجل إفادتها الظنّ شأنا ونوعا ، لا شخصا وفعلا ، ولا تعبّدا محضا ، يدلّ على ذلك في المقام :
أوّلا : الأصل المقرّر في نظائر المقام ، كما مرّ غير مرّة ؛ لأنّ البناء على التعبّد المحض يقتضي البناء على التخيير فيما إذا اختلفت الأمارتان بحسب الظنّ النوعي ؛ بخلاف البناء على كون حجّيتها من جهة الظن النوعي ؛ فإنّ مقتضاه متابعة الأقوى خاصّة اقتصارا فيما خالف الأصل على القدر المتيقّن ، كما ظهر وجهه غير مرّة.
__________________
(١) كذا ، والمناسب : مشيرا.
(٢) القوانين ٢ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧.