لقصوره عن فهم أدلّة القولين ، فتعيّن الثاني. وتقليد أحد المفضولين بتقليد المفضول الآخر يؤدّي إلى الدور والتسلسل كما لا يخفى ، فثمرة البحث في تقليد الأعلم إنّما تعود إلى المجتهد إذا سأله العامي عن جواز تقليد المفضول. نعم ، إذا كان المقلّد غافلا عن الخلاف في المسألة فيرجع (١) إلى الأدون ، صح (٢) عمله على القول بجواز تقليده ؛ بناء على صحة عبادات الجاهل.
ومثله من تمكّن عن نيّة القربة في العبادات من الملتفتين إلاّ أنّه فرض لم نتحقّق إمكانه ؛ فإنّ الالتفات إلى الخلاف يستلزم الشكّ في صحّة العبادة التي قلّد فيها الأدون ، فكيف يتحقّق الجزم بالقربة.
والثاني : الأعلم من كان أقوى ملكة وأشدّ استنباطا بحسب القواعد المقرّرة ، ونعني به من أجاد في فهم الأخبار مطابقة والتزاما إشارة وتلويحا ، وفي فهم أنواع التعارض وتميّز (٣) بعضها عن بعض ، وفي الجمع بينهما بإعمال القواعد المقرّرة لذلك مراعيا للتقريبات العرفيّة ونكاتها ، وفي تشخيص مظانّ الاصول اللفظية والعمليّة ، وهكذا إلى سائر وجوه الاجتهاد وأمّا أكثر (٤) الاستنباط وزيادة الاستخراج الفعلي مما لا مدخليّة له.
كتبه العبد الحقير الفقير زين العابدين بن محمّد شريف القزويني في دار الخلافة طهران ، في شهر رجب المرجب ١٣٠٨ ه ، قد يرجى من الناظرين أن يطلبوا المغفرة لباني هذا الكتاب وكاتبيه ووالديهم.
__________________
(١) كذا ، والأنسب : فرجع.
(٢) كذا ، ولعله : وصحّ ....
(٣) كذا ، والمناسب : تمييز.
(٤) كذا ، والمناسب : أكثريّة.